أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، مساء الأربعاء، بالموافقة على تصديق على صفقة الغاز مع مصر والتي تقدر بنحو 35 مليار دولار، واصفاً هذه الصفقة بأنها الأكبر في تاريخ الدولة العبرية. 

توريد نحو 130 مليار متر مكعب من الغاز إلى مصر حتى عام 2040

وأشار نتنياهو إلى أن شركة شيفرون الأميركية والتي تعمل في مجال النفط والغاز ويقع مقرها الرئيسي في كاليفورنيا وتعمل في أكثر من 180 دولة، ستتعاون مع شركاء إسرائيليين وسيقومون بتزويد مصر بالغاز. 

ووفق الاتفاق، يتم تصدير الغاز الطبيعي من حقل “ليفياثان” الإسرائيلي إلى مصر، و توريد نحو 130 مليار متر مكعب من الغاز إلى مصر حتى عام 2040، ويتم توجيه جزء كبير من هذا الغاز إلى محطتي إسالة الغاز في إدكو ودمياط لإعادة تصديره إلى أوروبا، ويتم استخدام جزء آخر لتلبية احتياجات السوق المحلي المصري. 

يأتي ذلك الإعلان، وسط حديث تقارير أمريكية وعبرية، أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يعمل على ترتيب قمة بين الرئيس عبد الفتاح السيسي و نتنياهو، فيما يستعد نتنياهو لزيارته إلى واشنطن وعقد لقاء جديد مع زعيم البيت الأبيض. 

إعلان نتنياهو عن هذه الصفقة أثار العديد من التساؤلات حول المستفيد الأكبر من هذه الاتفاق، وما هي مكاسب القاهرة من هذه الصفقة على المستوى الاقتصادي، وفي هذا الإطار تحدثنا مع دكتورة هدى الملاح الخبيرة الاقتصادية وعضو هيئة التدريس بالأكاديمية العربية للعلوم و التكنولوجيا والنقل البحري حيث أوضحت لنا فوائد هذا الاتفاق على الاقتصاد المصري، إلى جانب تأثير هذه الصفقة على الدولة العبرية أيضًا. 

مكاسب مصر من صفقة الغاز مع إسرائيل 

وقالت د. هدى الملاح في تصريحات خاصة لـ «تحيا مصر»:الصفقة في جوهرها ليست بيعًا مباشرًا لمصر بقدر ما هي ترتيب إقليمي:إسرائيل تُصدر الغاز (من حقول شرق المتوسط). ومصر تستقبل الغاز، تسيّله في محطتي إدكو ودمياط ثم يُعاد تصديره للأسواق الأوروبية أو يُستخدم جزئيًا محليًا، بالتالي نحن أمام سلسلة قيمة تشارك فيها مصر بدور محوري". 

وحول مكاسب مصر من الصفقة قالت الخبيرة الاقتصادية:" مكاسب اقتصادية مباشرة تشمل رسوم التسييل والنقل، تحصل مصر على عائد ثابت مقابل استخدام بنيتها التحتية (محطات الإسالة، الموانئ، الشبكة)."

وأضافت :" عملة صعبة، التصدير بعد التسييل يتم بالدولار، وهو عنصر مهم في دعم ميزان المدفوعات وتخفيف الضغط على الاحتياطي النقدي، إلى جانب  تعزيز مكانة مصر كمركز إقليمي للطاقة". 

خبيرة اقتصادية لـ تحيا مصر: مصر هي الدولة الوحيدة في شرق المتوسط التي تمتلك محطتي إسالة جاهزتين بنية تصدير كاملة وهذا يعطيها نفوذًا تفاوضيًا دورًا سياسيًا اقتصاديًا في معادلة الطاقة الأوروبية ومرونة في إدارة السوق المحلي

وتابعت قائلة:" مصر هي الدولة الوحيدة في شرق المتوسط التي تمتلك محطتي إسالة جاهزتين بنية تصدير كاملة وهذا يعطيها نفوذًا تفاوضيًا، دورًا سياسيًا–اقتصاديًا في معادلة الطاقة الأوروبية.. مرونة في إدارة السوق المحلي".

وأكدت الخبيرة الاقتصادية في تصريحات خاصة أن:"الغاز الإسرائيلي يتيح لمصر إعادة توجيه جزء من إنتاجها المحلي للتصدير مع تقليل فجوات موسمية في الاستهلاك المحلي". 

وأشارت إلى أن مكاسب غير مباشرة لمصر، تشمل :" تشغيل العمالة، تنشيط قطاع الخدمات اللوجستية، دعم صورة مصر كشريك طاقة موثوق دوليًا". 

مكاسب إسرائيل من صفقة الغاز مع مصر 

أما عن مكاسب إسرائيل من الصفقة، أشارت د. هدى الملاح في تصريحات خاصة لـ تحيا مصر :" المكاسب تشمل تصريف الغاز دون استثمارات ضخمة، إسرائيل لا تمتلك محطات إسالة ربناء محطات خاصة مكلف جدًا ويستغرق سنوات واستخدام البنية التحتية المصرية أقصر وأرخص طريق للأسواق الأوروبية."

وأضافت:" اختراق السوق الأوروبية، أوروبا تبحث عن بدائل للغاز الروسي… الغاز الإسرائيلي يصلها عبر “بوابة مصر”.وهذ يمنح مصر موقع إقليمي واستراتيجي قوي و يمنح إسرائيل مصدر دخل مستقر وزنًا جيوسياسيًا متزايدًا شرعنة اقتصادية وسياسية". 

كما أشارت إلى أن:" الاتفاقيات الطاقوية تعني تطبيع اقتصادي عملي وتقليل العزلة في محيطها الإقليمي". 

من المستفيد الأكبر من الصفقة القاهرة أم تل أبيب.. ؟

وبسؤالها عن من المستفيد الأكبر من هذه الصفقة قالت:" الإجابة العلمية: يعتمد على زاوية النظر والزمن على المدى القصير إسرائيل مستفيد سريع: تصريف الغاز،تدفقات نقدية بلا استثمارات ثقيلة.. على المدى المتوسط والطويل: مصر هي المستفيد الأعمق  إذا استمرت كمركز إسالة وتوزيع حافظت على دورها كبوابة وحيدة للتصدير استثمرت العوائد في تعميق الصناعة والطاقة". 

خبيرة اقتصادية لـ تحيا مصر: إسرائيل تبيع الموارد فقط ومصر تملك البنية والممر والنفوذ والقيمة الاقتصادية الأعلى تكون لمن يسيطر على البنية التحتية ومسار السوق

وقالت خلال حديثها لـ تحيا مصر أن:" إسرائيل  تبيع الموارد فقط ومصر تملك البنية والممر والنفوذ.. والقيمة الاقتصادية الأعلى عادة تكون لمن يسيطر على البنية التحتية ومسار السوق، لا فقط على المورد الخام. وهنا طبعا مصر هي من تملك السيطرة وليست إسرائيل.. الصفقة ليست تنازلًا اقتصاديًا من مصر كما يصوَّر أحيانًا، لكنها أيضًا ليست مكسبًا مطلقًا بلا شروط"

واختتمت حديثها قائلة:" نجاح الصفقة لمصر مرهون بـ حسن إدارة العوائد عدم التحول إلى مجرد (ممر بلا قيمة مضافة لمصر) ربط الطاقة بالتنمية الصناعية لا فقط التصدير".