نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
عمرو فاروق يكتب: أباطيل الإخوان والتاريخ المصري, اليوم السبت 9 نوفمبر 2024 05:04 صباحاً
ارتكزت جماعة الإخوان فى معركتها مع الدولة المصرية، على «سلاح الشائعات»، وتوظيفه وفق سيكولوجية «التأثير النفسى»، للاستفادة منه فى تحقيق سيناريوهات الفوضى الممنهجة، وتفكيك «الظهير الشعبى»، والتركيز على خفض الروح المعنوية، بعد فشل مشروعها المسلح فى ظل قوة الأجهزة الأمنية المصرية وقدرتها على تدمير بنيتها الاقتصادية والتنظيمية.
يعتمد أتباع سيد قطب فى مخططهم على نظرية «خراطيم الأباطيل»، سيراً فى اتجاهين، الأول يستهدف النيل من رأس النظام السياسى، ويمثله الرئيس عبدالفتاح السيسى، ويليه استهداف الإنجازات التى تم تحقيقها على أرض الواقع عملياً، فى إطار صناعة حالة من الكراهية والعداء وفقدان الثقة بين المواطن ومؤسسات الدولة، ينتج عنها فقدان حقيقة الانتماء للدولة ومشروعها نفسياً ووجدانياً.
الشائعات التى روجتها أبواق جماعة «الإخوان»، فيما يخص موقف القاهرة تجاه «القضية الفلسطينية»، لا يمثل سوى مزايدة على دورها التاريخى الداعم والمستمر فى ظل وقوفها حجر عثرة أمام مشروع «التهجير القسرى»، وعقدها العشرات من اللقاءات بين حركتى «حماس» و«فتح» لخلخلة الأزمة الداخلية، ووساطتها مع الجانبين الأمريكى والقطرى للتوصل إلى اتفاق يقضى بـ«وقف إطلاق النار»، والتمهيد لإعادة «إعمار غزة»، ومبادراتها فى التوصل إلى تشكيل لجنة «إسناد مجتمعى» لإدارة قطاع غزة بعيداً عن غطرسة وسلطة الاحتلال.
استثمار جماعة الإخوان للمشاهد الأخيرة فى غزة ولبنان، من أجل غسل سمعتها ومحو سقوطها السياسى، وإعادة تمركزها وإحياء مشروعها فى عمق المنطقة العربية، يمهد لدورها الوظيفى المنوط بها تاريخياً، ومشاركتها جزئياً أو كلياً فى صناعة ما روجت له مؤسسات الفكر والمراكز البحثية الغربية مؤخراً، حول ضرورة إجراء تغييرات فى هيكل النظم السياسية الحاكمة، وفى مقدمتهم النظام المصرى، الذى يمثل عقبة أمام تمرير سيناريو التهجير الفلسطينى، وبناء «إسرائيل الكبرى». ليس من المنطق تغييب ممثلى «الإسلام السياسى» عن حلبة الصراع القائم فى عمق الشرق الأوسط، لما لهم من دور فاعل فى تمرير الأجندات والسيناريوهات التقسيمية، فى ظل محاولة توسيع دائرة الصراع حالياً، وممارسة المزيد من الضغوط المتبادلة، فى إطار متغيرات جيوسياسية واستراتيجية، تعمل على بناء تحالفات سياسية واقتصادية جديدة، ومن ثم تعتبر جماعة «الإخوان» لاعباً أساسياً وليس هامشياً فيما يتعلق بالمستقبل السياسى للمنطقة العربية.
مسارات اللجان الإعلامية الإخوانية تستغل نظرية «خراطيم الأباطيل»، فى توثيق أحداث الفترة الزمنية الراهنة للنظام السياسى، فى إطار عملية تحليلية اعتماداً على تأسيس «المراكز البحثية» والاستقصائية، حتى تصبح بمرور الأيام جزءاً من الحقيقة التاريخية الراسخة كنوع من الشهادة على الأحداث الجارية فى العمق المصرى، ومساهمة فى كتابة «التاريخ المعاصر»، بشكل غير مباشر من خلال التقارير والأكاذيب التى تروجها بشكل علمى ممنهج.
رغم مرور التاريخ المصرى بحالة من التشويه المتعمّد، فإنّه من المرجح أن تصبح الـ15 عاماً الأخيرة الأكثر عرضةً للتلاعب والتلفيق، ما لم يتم توثيق أحداثها وحفظ وثائقها وأسرارها، فى ظل انتشار جماعات «الإسلام السياسى»، التى تضع الدولة الوطنية فى خانة العداء المستمر، وتحاول استئصال ثوابتها ومرتكزاتها القومية والسياسية، لصالح مشروعها الفكرى والحركى والتنظيمى.
ما يعنى أن الدولة المصرية فى حاجة ماسة إلى تأسيس «هيئة قومية وطنية»، محدّدة الأطر النظرية فى صياغة التأريخ المصرى وتنقية حديثه وقديمه، وفق المرجعية الفكرية والثقافية المتسقة مع هوية المجتمع المصرى، مع منحها الصيغة الاعتبارية المستقلة، وتأسيس العشرات من المراكز البحثية، للوقوف كحائط صد منيع على المستوى الفكرى والسياسى والاقتصادى والاجتماعى، أمام الآلة الإخوانية التى تتعمد تهميش وتزييف الحقائق وتوثيقها على الشبكة العنكبوتية بما يخدم أهدافها، لتكون مرجعاً فيما بعد لمختلف الباحثين والدارسين سواء العرب والأجانب.
0 تعليق