الدكتور سلطان القاسمي يكتب: القواسم في عُمان

الخليج 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

الدكتور سلطان القاسمي يكتب

في عام 2021م، كتبت كتاباً بعنوان القول الحاسم في تاريخ ونسب القواسم، والذي استغرق البحث في مصادره أربعين سنة.
لم أستطع في تلك الأيام أن أكتب عن القواسم العمانيين، لقلة المصادر التي تربطهم بالقواسم في الشارقة ورأس الخيمة.
بعد مرور أربع سنوات من البحث، وفقني الله تعالى إلى أن أجد المواد التاريخية، والتي مكنتني من أن أكتب تاريخ ونسب القواسم العمانيين.


- 1 - القواسم في ساحل عُمان


وصل القواسم إلى ساحل عُمان، في نهاية عام 1613م، وكان نزولهم هناك، على الجزيرة الحمراء، المتصلة بالبر، في وقت الجزر. كان الذين وصلوا من القواسم:
أ- كايد رحمة بن حمود عدوان القاسمي، والذي أخذ طريقه إلى بلدة أذن في حضن الجبال.
ب- سيف بن علي بن صالح القاسمي، والذي أخذ طريقه إلى تل الصير، إلى الشرق من رأس الخيمة.
ج- الشيخ قضيب بن سعيد بن صقر القاسمي، والذي استقر في الجزيرة الحمراء.
هـ - الشيخ فاهم بن أحمد القاسمي، والذي اتجه إلى الشارقة واستقر هناك.
كانت زعامة القواسم، لدى كايد رحمة بن حمود عدوان القاسمي، ثم انتقلت إلى أبنائه من بعده، وكانت عاصمتهم في بداءة الأمر في بلدة أذن، ثم انتقلت إلى رأس الخيمة.
كان الشيخ سيف بن علي بن صالح القاسمي، شيخ الصير في عام 1648م، هو الوسيط المستقل في إبرام الاتفاقية بين البرتغاليين واليعاربة.
في عام 1653م كان الشيخ محمد بن سيف بن علي بن صالح القاسمي، شيخ الصير، قد اشترك في المؤامرة التي رتبها البرتغاليون لاغتيال الإمام سلطان بن سيف بن مالك اليعربي.
كان ممّن أُلقي القبض عليهم من قبل اليعاربة في تلك المؤامرة، الشيخ محمد بن سيف بن علي بن صالح القاسمي، شيخ الصير، والشيخ فاهم بن أحمد القاسمي، شيخ الشارقة، وثلاثة من المرافقين، وقد تم إعدامهم جميعاً.
قام اليعاربة باحتلال الصير وهدم قلعتها، فهرب علي ابن المقتول محمد بن سيف بن علي بن صالح القاسمي، إلى ساحل فارس، واستقر في بلدة كُنغ.
في عام 1668م، كان الشيخ محمد بن راشد بن قضيب بن سعيد القاسمي، شيخ الجزيرة الحمراء، أحد قادة اليعاربة، وبعد معركة جزيرة «ديو»، وقبل أن يعود الأسطول العماني، انفرد محمد بن راشد بن قضيب القاسمي برأيه، دون رأي القادة الآخرين، وأنزل قوة على جزيرة «ديو» فقُتل من القوات العمانية مئتان من العمانيين.
لم يكرم الإمام سلطان بن سيف بن مالك القائد محمد بن راشد القاسمي، فترك خدمته، وارتحل إلى بلدة كُنغ على الساحل الفارسي، ليعمل في التجارة والأسفار. (1)


- 2 - القواسم على ساحل فارس


في عام 1668م وصل الشيخ محمد بن راشد إلى ميناء كُنغ، على الساحل الفارسي، والتي أصبحت هي الميناء الرئيس، للساحل الفارسي بدلاً من هرمز، وبندر عباس، وهو يقع إلى الغرب من هرمز.
تأسست في بلدة كُنغ مكاتب لشركات تجارية عدة، وتجارة رائجة للتجار الفرس والهنود.
كانت الجالية الهندية في كُنغ قد أتت من بلاد البنجاب في الهند يومها، ومن بلدة «مالا أودي»() «Malla Udey»، وكانت تذكر إما «ما لودي» أو «مالا»، وقد بنوا لأنفسهم قرية، أطلقوا عليها اسم بلدهم في الهند «مالودي».
تقع قرية «مالودي»، شرقي مدينة كُنغ، بمسافة سبعة كيلومترات، وهي واقعة في سفح الجبل من جهة الجنوب، بارتفاع خمسين متراً عن سطح البحر، وتبعد عن الساحل مسافة كيلومترين، وتحتوي على مئتين من المنازل، مبنية بالأحجار والجص.
عند وصول الشيخ محمد بن راشد بن قضيب القاسمي إلى كُنغ، كان التجار الهنود في كُنغ قد قرروا العودة إلى بلدهم «مالودي» في البنجاب، للسيطرة على الأحداث الجارية هناك، والاستيلاء على حكم العشيرة والبلد، فقاموا ببيع تجارتهم، ومكاتبهم وبيوتهم، إلى من كان لديه المال.
كان الشيخ محمد بن راشد القاسمي، هو الذي قام بشراء كل ممتلكات الهنود ومن ضمنها بلدة «مالودي».
في شهر رمضان سنة 1079هـ، الموافق مارس عام 1669م، تقابلت القوات العمانية مع البرتغالية على الساحل الفارسي، وهُزمت القوات العمانية.
كان محمد بن راشد القاسمي في ميناء كُنغ فلما علم بهزيمة العمانيين، هجم هو وبقية بحارة السفن الراسية في ميناء كُنغ، وكان عددها ثلاث عشرة سفينة، على سفينة القيادة البرتغالية التي وصلت إلى ميناء كُنغ، حيث كان للبرتغاليين مركزٌ تجاري هناك، فاستولى الشيخ محمد بن راشد القاسمي، ومن معه على سفينة القيادة البرتغالية.
كانت مجموعة من الجنود البرتغاليين قد تمركزت في الجزء العلوي من سفينة القيادة، وأخذت تطلق النار على المسيطرين على سفينة القيادة، فأصيب محمد بن راشد القاسمي بطلقة في رأسه، فتوفي، فأُنزل بحارة السفن الراسية في ميناء كُنغ بعدها من سفينة القيادة البرتغالية.
كان راشد بن الشيخ محمد بن راشد القاسمي صغير السن عندما قتل والده، فعُيّن الشيخ علي بن محمد بن سيف القاسمي - وأبوه شيخ الصير الذي أعدم في المؤامرة في عُمان - وصيّاً على راشد بن الشيخ محمد بن راشد القاسمي، ووكيلاً عنه، في ساحل فارس.
بعد أن بلغ الشيخ راشد بن محمد القاسمي ابن قائد أسطول اليعاربة على جزيرة ديو في الهند، رشده، انتقل من بلدة كُنغ إلى جزيرة قشم، وأسس هناك ميناءً أطلق عليه أبا سعيدوه() تخليداً لجدّه، وترك وكيله الشيخ علي بن محمد بن سيف القاسمي في بلدة «مالودي»، فأطلق على الشيخ علي بن محمد القاسمي اسم علي المالودي.
في عام 1728م، قام رحمة بن مطر الهولي وهاجم رأس الخيمة، واحتلها بعد أن قتل الشيخ سعيد بن كايد رحمة القاسمي شيخ رأس الخيمة، فهرب الشاب قضيب بن سعيد بن كايد رحمة القاسمي، بسفينة إلى باسعيدوه، على جزيرة قشم، حيث خاله راشد بن محمد بن راشد القاسمي، وقد قيل إن مسقط وراء ذلك الانقلاب.
بعد الحادثة هاجرت نحو ألف عائلة من رأس الخيمة إلى باسعيدوه على جزيرة قشم لدى الشيخ راشد بن محمد القاسمي، فأوكل الشيخ راشد، الشيخ صالح بن علي المالودي القاسمي وكيله في كُنغ، بترتيب أمورهم.
قام الشيخ صالح بن علي المالودي القاسمي، باستئجار بقعة من الأرض من أمير لار على البر الأصلي من الساحل الفارسي، وهي مقابلة لباسعيدوه تفصلها عنها القناة المائية، وأطلق عليها «لنجة» بالفارسية، أي المقابلة.
في لنجة تزوج الشيخ قضيب بن سعيد القاسمي، الذي حكم لنجة من ابنة الشيخ صالح بن علي المالودي القاسمي.
قام الشيخ صالح بن علي المالودي القاسمي، وتزوج من امرأة، أسكنها في مزرعة نخيل خارج شناص، القريبة من لنجة، بعد أن بنى بها مسكناً، وأطلق عليها «مالودي» وتعرف «بمالا».
أعقب الشيخ صالح بن علي المالودي القاسمي ابناً أطلق عليه اسم محمد، كان بمرتبة وزير في ما بعد، لدى شيخ لنجة، والذي أعقب صالح بن محمد بن صالح بن علي المالودي القاسمي، والذي أصبح بمرتبة وزير لدى الشيخ قضيب بن راشد القاسمي، شيخ لنجة.
كان الشيخ صالح بن محمد بن صالح بن علي المالودي القاسمي، قد قام بالاشتراك في المباحثات التي جرت بين الإنجليز والشيخ سلطان بن صقر القاسمي، والذي اصطحبه معه إلى رأس الخيمة. (2)


- 3 - القواسم العمانيون في جصة بمسقط


في بندر عباس وفي السادس من شهر فبراير عام 1806م، تم الاتفاق بين الشيخ سلطان بن صقر القاسمي، شيخ رأس الخيمة، وشركة الهند الشرقية، ممثلة بالكابتن «ديفيد سيتون» «David Seton» المقيم في مسقط.
كان عبدالله بن جاسم بن قرص، هو الذي قام بالنقاش مع الكابتن «ديفيد سيتون»، عاونه في ذلك الشيخ مطر بن رحمة القاسمي من رأس الخيمة، والشيخ صالح بن محمد بن صالح بن علي المالودي القاسمي من لنجة.
عندما عاد الشيخ سلطان بن صقر القاسمي من لنجة إلى رأس الخيمة، اصطحب معه الشيخ صالح بن محمد بن صالح بن علي المالودي القاسمي ومن معه، إلى رأس الخيمة للإقامة هناك.
وصل خبر توقيع الشيخ سلطان بن صقر القاسمي اتفاقية مع الإنجليز إلى الدرعية عاصمة آل سعود، فبعث الإمام سعود بن عبدالعزيز آل سعود، بوفد برئاسة محمد بن سلامة إلى رأس الخيمة، حيث وصلها في شهر مارس عام 1809م، وطلب من الشيخ سلطان بن صقر القاسمي أن يتوجه إلى الدرعية لمقابلة الإمام سعود بن عبدالعزيز آل سعود.
عندما وصل الشيخ سلطان بن صقر إلى الدرعية تمّ احتجازه هناك، أما محمد بن سلامة فقد أتمّ المهمة التي حضر إلى رأس الخيمة من أجلها، وهي تعيين الشيخ حسن بن رحمة القاسمي زعيماً للقواسم، مكان الشيخ سلطان بن صقر القاسمي.
قام الشيخ حسن بن رحمة القاسمي، بإرسال قوة من أصحاب الدعوة السلفية، بقيادة الشيخ صالح بن محمد بن صالح بن علي المالودي القاسمي، لاحتلال مدينة صور، وقد تمّ احتلالها.
في شهر أغسطس عام 1809م، قامت بريطانيا بحملة على مدينة رأس الخيمة، وتمّ تحطيمها وحرق جميع السفن الراسية في خور رأس الخيمة.
في شهر يوليو عام 1811م، توجه جيش الإمام سعيد بن سلطان باتجاه صور التي تقع تحت يد أصحاب الدعوة السلفية، وقد كان هناك قتال عنيف بالقرب من المدينة بين الجيشين، وقد كان الجزء الأكبر من القتلى من أصحاب الدعوة، بينما وجد البقية أنفسهم غير قادرين على المواجهة للقتال، فقام الشيخ صالح بن محمد بن صالح بن علي المالودي القاسمي واستسلم لسلطة وأوامر الإمام.
قرر الإمام سعيد بن سلطان، أن تكون منطقة جصة في مسقط للقواسم الذين أتى بهم من صور، فقاموا وبنوا مساكنهم هناك تحت رعاية الإمام سعيد بن سلطان.
أعقب الشيخ صالح بن محمد بن صالح بن علي المالودي القاسمي، ابناً يُدعى محمداً، وأعقب محمد بن صالح، كلّاً من راشد وعلي، وأعقب علي عبدالله، والذي أعقب جميع القواسم من ذرية علي المالود والقاطنين في جصة، ويضاف إليهم أخوهم مبارك بن عبدالله الذي أقام في صور، وانتقل ابنه محمد بن مبارك بن عبدالله إلى الشارقة، وذريته تقيم في الشارقة. (3)


- 4 - القواسم العمانيون في سمائل


بعد احتلال إبراهيم باشا، قائد القوات العثمانية، للدرعية وجميع بلدان نجد في عام 1817م، اختفى الوجود السعودي من منطقة عمان وإمارات الساحل لمدة ست سنوات.
بعد ذلك، برز في عام 1822م الأمير تركي بن عبدالله بن محمد بن سعود، الذي حارب العثمانيين في الرياض، واستولى على بلدان نجد كلها بما فيها الرياض، وكان ذلك في منتصف عام 1824م.
في ذلك الوقت أخذ الأمير تركي بن عبدالله بن محمد بن سعود يبعث بالرسائل إلى شيوخ إمارات ساحل عُمان، فكان الشيخ راشد بن حميد النعيمي حاكم عجمان، والشيخ أحمد بن راشد المعلا حاكم أم القيوين، قد تسلما رسالتين من الأمير تركي بن عبدالله بن محمد آل سعود.
أما الرسالة التي وصلت إلى الشيخ سلطان بن صقر القاسمي، شيخ القواسم، من أمير نجد تركي بن عبدالله، فتختلف عن مثيلاتها إلى الحكام الآخرين؛ حيث تسلمها الشيخ سلطان، الذي كان وقتها في لنجة، فأصابه الانزعاج، فأسرع إلى ترجمتها إلى اللغة الإنجليزية، والتي قام بهــــا ملا حســـين الوكيل السياسي في مغوه، على ساحل فارس وتُسلم إلى الإنجليز.
بدا للإنجليز أن عودة نفوذ آل سعود قد أعطى القبائل العربية قناعة واضحة بأن تعتزم العودة لممارسة عدائهم ضد الإنجليز.
أخبر الأمير تركي بن عبدالله، أمير نجد، في رسالته للشيخ سلطان بن صقر بأنه قد قرر أن يُخضع جميع الناس في مناطق الإمارات. أما بخصوص الشيخ سلطان بن صقر، فقد أكد الأمير تركي على صداقته، ووعد بأنه سيستمر في احترام الشيخ سلطان، ولن يكـــون هناك من تغيير في حكومتــه من غير مصلحته. كما طلب منه أن يقوم بترميم حصن البريمي.
قام الشيخ سلطان بن صقر القاسمي بترميم حصن البريمي أملاً في مد نفوذه إلى تلك المنطقة، تحت مظلة آل سعود، كما قام بتعيين ابنه الشيخ ناصر بن سلطان بن صقر القاسمي، والياً على البريمي، ووضع معه عساكر، نقلهم من بلدة شويهة في ديار بني كعب، يقال لهم الشويهيون.
ما هي إلّا أيام، وإذا بالإمام سعيد بن سلطان، إمام مسقط، يحتج بعد أن وصله الشيخ محمد بن سالم الشامسي، زعيم الشوامس في البريمي، محتجاً على ذلك.
طالب إمام مسقط، عن طريق الإنجليز، الشيخ سلطان بن صقر القاسمي أن يقوم بهدم حصن البريمي، ونقل عساكره من هناك.
كان الشيخ سلطان بن صقر لا يستطيع أن يقوم بهدم حصن البريمي، فقام بإصدار أمر إلى ابنه الشيخ ناصر بن سلطان بن صقر القاسمي، بالانسحاب من البريمي مع الشويهيين.
وصلت الأخبار إلى الشيخ ناصر بن سلطان بن صقر القاسمي، أن قوات الإمام سعيد بن سلطان، إمام عُمان، قد تمركزت في بلدة شويهة، فأخذ الشيخ ناصر بن سلطان بن صقر القاسمي طريقه، ومعه الشويهيون إلى عبري ومنها إلى سمائل، حيث هناك بنو غافر حلفاء آل سعود.
في سمائل، تزوج الشيخ ناصر بن سلطان بن صقر القاسمي إحدى بنات بني غافر، وأعقب منها ابناً يدعى هلال بن ناصر بن سلطان بن صقر القاسمي، وأعقب هلال ابناً يُدعى خميس، والذي أعقب ابناً يدعى حمد بن خميس بن هلال بن ناصر بن سلطان بن صقر القاسمي، وهو الجد الخامس للقواسم العمانيين في سمائل.
لناصر بن سلطان بن صقر القاسمــي، ذريـــة في رأس الخيمة ( اقرأ فــي كتــاب التذكرة بالأرحام للمؤلف ). (4)

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق