القوات المسلحة.. عقول مدربة وتسليح حديث وجاهزية لمجابهة التحديات

الخليج 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

منذ تأسيسها، حظيت القوات المسلحة الإماراتية بدعم غير محدود من القيادة الرشيدة، التي آمنت مبكراً بأهمية بناء جيش وطني قوي ومتطور، قادر على صون السيادة الوطنية، ومواكبة التحديات الأمنية والعسكرية المتسارعة في محيط إقليمي وعالمي مُتغيّر.
هذا الدعم لم يكن آنياً أو رمزياً، بل نشأ على استراتيجية واضحة، جمعت بين التطوير الشامل للمعدات والتسليح، والاستثمار العميق في العنصر البشري، وتوطين الصناعات الدفاعية لتشكل ركيزة أمنية واقتصادية في آنٍ واحد.
ومن حيث القدرات التقنية، شهدت قواتنا المسلحة تحديثاً نوعياً شاملاً على مستوى الأنظمة والأسلحة والمعدات، حيث تم تزويدها بأحدث التقنيات العالمية، لتكون على جاهزية عالية لمجابهة مختلف التحديات، حيث عمل هذا التحديث على تمكينها من إحراز موقع متقدم بين جيوش المنطقة، بل وتحقيق حضور لافت بشكل كبير في مؤشرات القوة والاستعداد والجاهزية على المستوى الدولي.
أولت القيادة الإماراتية العنصر البشري أهمية استثنائية، إيماناً منها بأن الإنسان هو أساس القوة، فأنشأت معاهد وكليات عسكرية متطورة، وفتحت آفاق الشراكة الأكاديمية مع أعرق الجامعات والمؤسسات الدولية لتأهيل منتسبي القوات المسلحة وفقاً لأعلى المعايير العالمية.
وساهمت هذه الخطوات في إعداد كوادر إماراتية ذات كفاءة علمية ومهارية عالية، تجمع بين الصرامة العسكرية والتأهيل التقني والقيادي، وتساهم بشكل فاعل في تنفيذ مهام الدفاع، إلى جانب دعم مسارات التنمية الوطنية الشاملة.
وفي خطوة استراتيجية تهدف إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي وتعزيز السيادة الصناعية، انطلقت الإمارات في مسار توطين الصناعات الدفاعية، حيث تم تأسيس بنية تحتية متطورة قادرة على الإنتاج والابتكار.
ويعد مجمع «توازن الصناعي» أحد أبرز هذه الإنجازات، وهو منطقة صناعية حرة بمواصفات عالمية، متخصصة في قطاع الدفاع والأمن تمتد على مساحة 55 كيلومتراً مربعاً، وتوفر بيئة مرنة ومحفزة للصناعات الدفاعية المتقدمة، وتشتمل مجالاتها على الأنشطة الإلكترونية والتكنولوجيا والصناعات المعدنية الدقيقة والسيارات، والسلامة والأمن والبحث والتطوير إلى جانب الخدمات المرتبطة بذلك منها الخدمات اللوجستية.
تقف الشركات الإماراتية في طليعة الابتكار العسكري الإقليمي، حيث تنتج باقة واسعة من المنتجات تشمل الطائرات بدون طيار، والسفن الحربية، والآليات القتالية المتعددة المهام، والمسدسات والرشاشات، ووسائل الحماية والتدريع والذخائر، وأغلب هذه المنتجات تحمل علامة «صنع في الإمارات»، ما يعكس عمق التقدم الصناعي والدفاعي المحلي.
وفي المجال البحري، استطاعت الشركات الوطنية أن تحقق إنجازات نوعية جعلت من الإمارات لاعباً أساسياً في تصنيع السفن الحربية والزوارق المتطورة، ليس فقط لتلبية الاحتياجات المحلية، بل لخدمة أساطيل دول الخليج وشبه القارة الهندية وإفريقيا الشمالية، كما أن أعمال الصيانة والتأهيل التي تقوم بها الإمارات لعدد من الأساطيل العسكرية الدولية تعزز مكانتها كقاعدة صيانة إقليمية مرموقة.
فيما شكّلت المعارض الدفاعية التي تنظمها الدولة، مثل «آيدكس» و«نافدكس» و«معرض دبي للطيران» و«يومكس» و«سيمتكس»، منصات استراتيجية لعرض الإنجازات العسكرية والتقنية الإماراتية.
ولم تقتصر هذه الفعاليات على الترويج التجاري، بل أصبحت محركات فعالة للتعاون الدولي، ومراكز جذب للاستثمارات والشراكات، كما ساهمت في تعزيز القدرات الوطنية عبر توفير بيئة تنافسية تدفع نحو الابتكار والإنتاج المحلي النوعي.
يُعد معرضا «آيدكس» و«نافدكس» لعام 2025 مثالاً حياً لما وصلت إليه الإمارات في مسار الصناعات الدفاعية، إذ شارك فيهما 213 شركة وطنية شكّلت 16% من إجمالي العارضين، واستعرضت هذه الشركات حلولاً وتقنيات متقدمة منها آليات مدرعة، وطائرات مسيرة، وأنظمة تسليح ذكية، كلها تحمل توقيع الصناعات الإماراتية.
وأعلنت شركة «كالدس» سلسلة من الابتكارات الجديدة، أبرزها الآلية القتالية ذات (الدفع الثماني 8x8) والمصنعة بالكامل بأيدٍ إماراتية، وتتميز بقدرتها العالية على التحمل في أصعب الظروف العملياتية، فضلاً عن قدراتها الخارقة في التنقل والحماية والحمولة وقوة النيران للعمليات البرية والبرمائية.
وتم تصميم نظام المركبة للعمل في ظروف الطقس القاسية والتضاريس الوعرة والظروف المناخية الصعبة، إضافة إلى نظام إطفاء تلقائي للحرائق ونظام فلترة الهواء لحماية الطاقم والأفراد في الآلية من المواد الكيميائية والبيولوجية والإشعاعية والنووية. كما أطلقت الشركة آليتين مدرعتين، وهما MATV004 وMATV001، مجهزتين بأحدث نظم الحماية والدمج الإلكتروني، إضافة إلى قاذفة الصواريخ «برق» وآلية «الوشق» الاستطلاعية، وجميعها تجسّد التقدم السريع في مجال التصميم والتصنيع العسكري المحلي.
لم يكن هذا التراكم في القدرات والإمكانات ليتحقق لولا الرؤية الاستراتيجية الواضحة للقيادة الإماراتية التي مزجت بين الطموح الوطني والإرادة السياسية، والاستثمار الذكي في التكنولوجيا والمعرفة، فقد تحوّلت الإمارات، في غضون سنوات قليلة، من دولة مستوردة للتقنيات الدفاعية إلى دولة مصدّرة لها، وذات ثقل معتبر في الأسواق الإقليمية والعالمية.
وفي ظل هذا النهج المتكامل، أصبحت القوات المسلحة الإماراتية رمزاً لقوة الدولة وعنواناً لمستوى جاهزيتها الاستراتيجية، كما أصبحت شريكاً موثوقاً في تحالفات الأمن الإقليمي والدولي، بفضل ما تمتلكه من منظومات تسليح حديثة، وعقول إماراتية مدربة، ومنشآت صناعية قادرة على التفاعل السريع مع متغيرات البيئة الدفاعية.
وتواصل القيادة الإماراتية ترجمة رؤيتها في بناء قوة دفاعية وطنية متكاملة، ليس فقط لحماية الوطن، بل لتقديم نموذج يحتذى به في المنطقة والعالم، يجمع بين الانتماء العميق، والحداثة المتقدمة والمتطورة والسيادة التصنيعية.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق