احتفت العين بإعادة افتتاح متحفها الأشهر، أول متحف في الإمارات، والذي تأسس في عام 1969 على يد الوالد المؤسس، المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، في قلب مدينة العين بجوار قلعة سلطان التاريخية، وظل على مر العقود مركزاً رئيسياً للمعرفة الأثرية والإثنوغرافية في الدولة ومرجعا أساسيا للآثار والتاريخ الثقافي الغني لمنطقة العين.
وأعادت دائرة الثقافة والسياحة بأبوظبي افتتاح المتحف ليستقبل زواره بعد إعادة تطوير شاملة لتزيد مساحته على 8000 متر مربع بعد أن كانت سابقاً 1200 متر مربع مع الحفاظ على المبنى الأصلي ليشكّل جزءاً أساسياً من السردية المعمارية الجديدة.
يضم المتحف قطعاً أثرية يعود تاريخها إلى أكثر من 8000 عام، ومجموعة من المقتنيات الثقافية المادية التي تسلّط الضوء على عادات السكان وممارساتهم، إلى جانب معارض تستكشف الإرث الثقافي الغني للمنطقة حتى يومنا الحاضر.
وقال عمر سالم الكعبي، مدير متحف العين: المتحف بوابة لفهم الأهمية الثقافية والأثرية لمنطقة العين بأكملها، حيث يوفّر للزوّار سياقاً تاريخياً وتفسيرياً أساسياً يُضفي حياة على مواقع العين الثقافية المدرجة ضمن قائمة اليونيسكو للتراث العالمي، ورؤية واضحة للقيمة العالمية الفريدة للمواقع التاريخية المحيطة به، وإسهامها في إثراء فهمنا الجماعي للتاريخ البشري. وتتمثل رؤيتنا في أن يكون المتحف نقطة انطلاق لرحلة أوسع، تلهم الزوّار لاكتشاف المباني التاريخية والواحات، والمدافن القديمة، والمعالم المعمارية في العين بإدراكٍ أعمق لقيمتها الراسخة في التاريخ الإنساني والتراث المحلي.
واستحدثت أقسام بالمتحف وتم توظيف أحدث تقنيات العرض فيها واستغلال جماليات المكان، إضافة إلى توظيف الموقع لعرض الكثير من طبيعة المكان وقنوات الأفلاج، إضافة إلى الكثير من المعلومات والتاريخ الشفهي عبر عدد من الرواة حيث وازن الشكل الجديد للمتحف بين حداثة تصميم القاعات الجديدة وفقاً لأرقى المعايير في قطاع المتاحف التاريخية مع الحفاظ على المبنى الأصلي الذي شُيّد عام 1969 ليشكّل جزءاً محورياً من السردية المعمارية الجديدة.
كما يعزز المتحف قيمته الثقافية والأثرية عبر المرافق وقاعات العرض الجديدة المزودة بأحدث التقنيات التفاعلية ليضم بعد تطويره 10 قاعات رئيسية مزودة بمعدات وتقنيات العرض المرئي والتفاعلي، بالإضافة إلى مرافق جديدة للزوار والباحثين تشمل مركز أبحاث ومختبرات للحفظ والترميم، ومساحات تعليمية تفاعلية، وغرفة قراءة، ومقهى ومتجراً، وقاعة للمعارض المؤقتة .
كما يسهم المتحف عبر الإضافات الجديدة التي تراعي مختلف الأعمار في توثيق الموروث الوطني وحمايته لربط الماضي بالحاضر والمستقبل من خلال تعريف الأجيال بقيمته التاريخية ورمزيته الحضارية، وترسيخ مفاهيم الهوية الوطنية في نفوس ووجدان أبناء الوطن ويقدم عبر مزج التراث بالتصميم المعاصر تجربة غامرة تتيح للزوّار استكشاف تاريخ المنطقة وتقاليدها وتطورها الثقافي.
مواقع أثرية
يضم متحف العين مواقع أثرية جديدة اكتُشفت خلال أعمال إعادة التطوير، حيث خضعت لعمليات تنقيب دقيقة وحُفظت بعناية، لتصبح عنصراً محورياً في تجربة الزوّار. ومن أبرز السرديات التي يقدّمها المتحف التركيز على تطوّر نظام الأفلاج، الذي يُعدّ من أعظم الابتكارات التقنية والثقافية في تاريخ المنطقة. فقد أسهم هذا النظام في تحقيق الزراعة المستدامة، وأتاح قيام مجتمعات مستقرة في العين، ومهد لتحوّلها إلى مركز حيوي وثقافي في قلب الصحراء.
كما يحتضن المتحف حصن سلطان، المعروف أيضاً باسم الحصن الشرقي، عند الحافة الشرقية لواحة العين. وكانت سابقاً تقع في قلب القرية القديمة، أو حارة الشرق، والتي اتخذت اسماً بديلاً مستوحى من القلعة (حارة الحصن). وقد بنيت في عام 1910 على يد نجل الشيخ زايد الأول، الشيخ سلطان بن زايد، الذي حكم أبوظبي من 1922 حتى 1926.
ويحتضن أيضاً مجموعة واسعة من القطع الأثرية التي تمتد عبر آلاف السنين من الوجود البشري في المنطقة، ويعد مركزاً حيوياً للبحث والدراسة الأثرية والتعليم. يضم المتحف مركز أبحاث مخصصاً لدعم الأبحاث والدراسات متعددة التخصصات وجهود الحفظ. ومن خلال إتاحة الوصول إلى المواد الثقافية الأصلية والموارد المتخصصة للباحثين والأكاديميين والطلاب، يسهم المتحف في تعميق الفهم للتطور التاريخي والثقافي لمدينة العين ومحيطها. وتأتي هذه الالتزامات في إطار تعزيز المعرفة، ما يجعل المتحف مركزاً حيوياً للاكتشاف والتفسير والتبادل الأكاديمي، فضلاً عن دوره في صون التراث، كما يسهم في تقدم مجال علم الآثار على الصعيدين الإقليمي والعالمي.
الجديد في الإطلالة الجديدة لمتحف العين مساحة تعليمية مصممة لاستضافة ورش عمل تفاعلية وأنشطة تعليمية عملية، تُتيح للزوّار من جميع الأعمار فرصة التفاعل المباشر مع إرث المنطقة الثقافي والتاريخي. وتكتمل تجربة الزوّار بوجود مقهى ومتجر بيع بالتجزئة، إضافة إلى غرفة قراءة مخصصة وقاعة للمعارض المؤقتة.
تاريخ البشر في المنطقة
تُبرز مجموعات المتحف ومعارضه تاريخ الوجود البشري في المنطقة منذ العصر الحجري القديم وصولاً إلى العصر الحديث، مسلّطةً الضوء على محطاتٍ تاريخيةٍ بارزة، مثل نظام الري القديم المعروف بالأفلاج، والعادات والتقاليد التي ميّزت سكان هذه الواحة الصحراوية. ويُعد المتحف مركزاً رئيسياً للزوّار لفهم مواقع التراث العالمي التابعة لليونيسكو والمعالم الثقافية المنتشرة في أنحاء مدينة العين .
يحتضن متحف العين مجموعة من المقتنيات المعروضة، والتي تضم 1800 قطعة أثرية، حيث تعود أقدم القطع الأثرية إلى 300 ألف سنة من الوجود البشري في المنطقة ليتحول بذلك لمركز حيوي للتعلّم والبحث وحفظ التراث الثقافي.













0 تعليق