كانت (م.ع) الابنة البكر للأب والأم، وفرحتهما الأولى التي أنارت حياتهما، ومع كل يوم يمر وهي تنمو أمام أعينهما، كانت سعادتهما تتجدد بها، فها هي بدأت في تعلم السير، وها هي تحاول نطق الكلمات.. ومرت الأيام ورزقهما الله بولدين آخرين، فكبرت الأسرة، لكن أتت الأقدار بما لم يكن في الحسبان.
لاحظ الوالدان أن الطفلة لا تماثل قريناتها، فهي لا تعي كثيراً مما يجري حولها، ولا تفهم معظم ما يقال لها، ولا تستطيع التحدث بشكل طبيعي، وأيضاً لا يمكنها السير بطريقة صحيحة، فأسقط في أيديهما واحتارا في تكييف واقع حالتها الصحية، إلى أن عرضاها على الأطباء، فاتضح أنها تعاني من إعاقة ذهنية، تحول دون كل ما لغيرها، بما في ذلك إلحاقها بالمدارس العادية مثل شقيقيها اللذين يدرسان، بل ويسجلان تفوقاً ملحوظاً. ولأن دخل الأسرة يقتصر على الراتب البسيط الذي يتقاضاه الأب، ويشمل كلفة المعيشة من مأكل ومشرب وإيجار مسكن ورسوم مدرسية، لم يكن بالإمكان سداد كلفة علاج الابنة التي أضحت في الثامنة عشرة من العمر، وأصبحت شبه مشلولة عن الحركة، في ضوء سمنتها بفعل زيادة وزنها الى حد كبير، ومرضها العقلي الذي أضعف كتلة جسدها العضلية والعصبية.
ولم يكن صوت الابنة سوى صراخ متواصل دونما وعي عقلي، كأنها تنبه من حولها إلى وجودها، وكان في ذلك إزعاج متواصل لا ينتهي لشقيقيها، اللذين كانا يعانيان في استذكار دروسهما واستيعابها خاصة في فترة الامتحانات، وفي الوقت ذاته لم تستطع الأم إيجاد جهة تتولى علاج ابنتها حتى يمكن الحاقها بأي جهة تعليمية.
أمام هذه الحالة لم تقف مؤسسة حميد بن راشد الخيرية في عجمان، مكتوفة الأيدي حينما تواصلت معها والدة الفتاة، وتقول الشيخة عزة النعيمي المديرة السابقة للمؤسسة: «اتصلت بي والدة الفتاة، وروت لي أن ابنتها شبه مشلولة، ولديها شقيقان متفوقان على مقاعد الدراسة، وطلبت مني المساعدة في علاج الابنة المعاقة، لعدم استطاعة زوجها توفير كلفته لتدني راتبه، علاوة على عدم إمكانية استخراج بطاقة علاج مجانية، كونهم من مقيمي الدولة».
وأضافت: «شكت لي الأم من المعاناة التي يعيشونها داخل منزلهم، بفعل الصراخ المتواصل من الابنة التي لا تستطيع التعامل معها، فكانت تضطر إلى إطعامها لإسكاتها، ما أدى الى زيادة وزنها وسمنتها بشكل كبير. وقالت لي الام انها لا تريد مساعدة مادية على الاطلاق، وإنما فقط تنشد علاج ابنتها».
وتابعت: «بحكم علاقاتي مع مديري الجهات الطبية، تواصلت مع إدارة مستشفى خليفة في عجمان، ورويت لهم المشكلة التي تعاني منها الأسرة، وبالفعل سارعوا باستخراج بطاقة علاج للابنة كونها من أصحاب الهمم، وصرفوا لها العلاجات اللازمة، وتحسنت حالتها كثيراً مع الوقت، وانتهت الأزمة والمعاناة التي كانت تعيشها الأسرة». وأشارت عزة النعيمي إلى أن الإنسانية لا تفرق بين حالة وأخرى، أو مواطن ومقيم، فالمعوزون يتساوون في كفة مساندتهم، ودعمهم، وتقوية عزيمتهم، وبث الأمل في حياتهم.
«حميد بن راشد الخيرية» تنهي معاناة طفلة من أصحاب الهمم
«حميد بن راشد الخيرية» تنهي معاناة طفلة من أصحاب الهمم

















0 تعليق