نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
لا حج بلا تصريح.. شعار الحزم في سبيل الأمن والسلامة, اليوم الثلاثاء 3 يونيو 2025 02:09 صباحاً
لقد باتت هذه العبارة عنوانا للوعي والانضباط، وردعا لمن يتهاون بحرمة النظام أو يستهين بمصلحة الملايين من ضيوف الرحمن، الذين وفدوا من مشارق الأرض ومغاربها.
طاعة ولي الأمر... واجبة شرعا
الالتزام بالحصول على تصريح الحج ليس مجرد إجراء تنظيمي، بل هو واجب شرعي منبثق عن طاعة ولي الأمر في غير معصية الله، وهي طاعة قررها الله تعالى في محكم كتابه، حيث قال: (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم). [النساء: 59].
قال ابن تيمية رحمه الله «طاعة ولاة الأمور في المعروف من أعظم الواجبات، وهي من أسباب انتظام أمور الناس وحفظ المصالح العامة». والتصريح بالحج يدخل في هذا الباب، لما فيه من تنظيم للمناسك، وضبط للأعداد، وحماية للأرواح، وتفويت للفرصة على كل من يعبث بأمن الحجاج أو يضر بهم.
وكان من سيرة الصحابة والتابعين الالتزام بطاعة الإمام في مثل هذه الشؤون، لما في ذلك من تحقيق للمصلحة العامة. وقد ثبت عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه قال «كنا في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم لا نعد الرخصة إلا من ولي أمر». والرخصة هنا تشمل كل ما يتعلق بالتنظيم والتيسير، فلا حرج في تقييد بعض المباحات إذا اقتضت المصلحة العامة ذلك، كما هو الحال في تنظيم الحج بالتصاريح.
ومن السياسة الشرعية أن يُقيَّد المباح لمصلحة راجحة، كتنظيم الدخول إلى المشاعر بعدد معلوم وفق قدرات المكان والطاقة الاستيعابية. وهذا من باب المصالح المرسلة التي اعتمدها كثير من الفقهاء.
وقد قال الإمام مالك رحمه الله «ما رآه المسلمون مصلحة فهو عند الله مصلحة».
ولا شك أن منع غير الحاصلين على تصريح من الحج هو مصلحة معتبرة تحفظ الأرواح، وتمنع التكدس، وتُفوت فرص الفوضى والتهريب والتسلل.
حين نتأمل الحوادث المؤلمة التي وقعت في بعض مواسم الحج السابقة، ندرك أهمية هذا التنظيم. لقد ثبت بالأرقام أن الحملات غير النظامية والوافدين دون تصاريح يشكلون النسبة الأكبر من المخالفات، وكثيرا ما كانوا طرفا في حالات التزاحم، بل وأحيانا السبب الرئيس في بعض الحوادث المؤسفة.
وفي هذا السياق، نستحضر كلمات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله - التي تؤكد نهج الدولة الراسخ في العناية بالحرمين الشريفين، حيث قال: خدمة الحرمين الشريفين شرف عظيم ومسؤولية كبرى، لا ندخر لها وسعا.
ويأتي هذا التوجه متكاملا مع ما صرح به سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان - أيّده الله - حين قال: أمن الحاج وسلامته أولوية قصوى، ولن نتهاون مع من يعرّض ذلك للخطر.
فهذه الكلمات لا تحمل فقط التوجيه، بل تعكس الرؤية الراسخة التي تنطلق من واجب شرعي وإنساني وأمني في آنٍ واحد.
ختاما، إن شعار «لا حج بلا تصريح» ليس قيدا بل حماية، وليس تعقيدا بل تنظيم، وهو من العدل الشرعي والحكمة السياسية والرعاية الأمنية. فلتكن استجابتنا له تعبيرا عن وعي ديني وولاء وطني، فطاعة ولي الأمر في ذلك طاعة لله، وامتثال للأمانة، وسيرٌ في درب السكينة.
اللهم احفظ حجاج بيتك الحرام، ووفق ولاة أمرنا لما فيه خير البلاد والعباد.
0 تعليق