دبلوماسية الحديد والنار

مكه 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
دبلوماسية الحديد والنار, اليوم الأحد 29 يونيو 2025 02:54 صباحاً

أكدت الحرب الخاطفة بين إيران وإسرائيل أنه مهما تباينت وجهات النظر وازدادت هوة الخلاف بين المتخاصمين، فإن الحروب الجديدة تجسر الهوة بين الفرقاء، وتعيد للدبلوماسية نشاطها وحيويتها؛ كونها تحتاج لمثل هذه الطاقة النيرانية العنيفة لتعيد الأطراف كافة إلى طاولة التنازلات!

إسرائيل بدأت هذه الحرب بسقف عال من المطالبات والأمنيات، وإيران سايرتها في رفع الشعارات؛ بالويل والثبور وعظائم الأمور لشياطين الإنس والجان، ومع تسارع وتيرة العمليات، خفتت الشعارات وتدنى سقف المطالبات وحل محلها صيحات الانتصارات والمعارك التلفزيونية التي كانت تجير ذلك الحادث وتلك الأسبقية، لتصب في خانة انتصار كل طرف على حساب الآخر!

كانت الدبلوماسية خلال الأزمة فاعلة وكانت قواعد الاشتباك تسير وفق منهجية غير معلنة لكنها كانت واضحة وجلية، إسرائيل تضرب أهدافا استراتيجية، وإيران تمطر إسرائيل بوابل من الصواريخ لضمان إلحاق الأذى بالبنى التحتية الإسرائيلية التي تعرضت لنيران غير مسبوقة في صراعات هذا الكيان مع محيطه.

استمرت الحرب وفق قواعد الاشتباك التي أبقت المطارات الإسرائيلية سليمة!، لذلك لم تتعطل الغارات الإسرائيلية بل ازدادت وتيرتها، مقابل كم هائل من الصواريخ والمسيرات الإيرانية؛ عطلت نوعا ما منظومات الدفاع الجوي الإسرائيلية وأفلت بعضها من قببها الحديدية التي ما زادتها سخونة الأحداث إلا انصهارا وعطبا، وهذا ما سيجعل إسرائيل في قادم الأيام تعيد حساباتها واستراتيجياتها مع هذه المنظومة التي لم تكن في مستوى الدرع الحصين الذي بشرت به شعبها وتفاخرت به أمام العالم.

وفي الفصل الأخير من فصول هذه الحرب الدامية؛ إعلان قطري مفاجئ بإغلاق مجالها الجوي تحسبا لطارئ سيحدث خلال سويعات قادمة، المنطقة تحبس أنفاسها، والعالم ينتظر متوجسا خائفا يترقب، وبالفعل رشقة صاروخية إيرانية تضرب قاعدة العديد لتستفيق الدبلوماسية على وقع هذا الهجوم، منددة بهذا الإجراء الذي استهدف أطلال الأمريكان، وضرب سيادة دولة حليفة ومهمة صانعة للسلام والوئام، ما فتئت دوما تعلن نوايا وتجسد حسن الجوار مع دول الإقليم وأولها الشقيقة الكبرى إيران. هذا المشهد الأخير من الحرب يؤكد أن الدبلوماسية كانت هي من تدفع الأحداث وفي أحيان كثيرة كانت تسبقها؛ بهمس هنا وشجب واستنكار هناك.

هدأت العاصفة وإن عكر صفو ذلك الهدوء بعض الخروقات هنا وهناك، لكن ترامب أعلن وقف إطلاق النار بين الفرقاء وعادت حركة الطائرات في الأجواء لتعلن نزع فتيل أزمة دبلوماسية كانت ساخنة بسخونة الضربات هنا وهناك، سعّرتها حرب خاطفة لم تطل، لكنها جعلت الخليج على صفيح ساخن وساخط من ردود الأفعال والأحداث، وأكدت أن الدبلوماسية والحوار هما الطريق الأنجع لإدارة الصراعات، في أجواء من القصف المتبادل، لكنه قصف معلوم الزمان والمكان؛ وإن أوجع بعض المرات ولكنه ظل تحت عنوان؛ الحرب وسيلة الدبلوماسية الأخيرة التي تعيد ضبط العلاقات، ودوزنة الخلافات وحلحلتها وفق إيقاع كل مرحلة وما تقتضيه من مقام ومقال، وخير المقال ما قاله الرئيس ترامب؛ شكرا إيران.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق