بانكوك- أ ف ب
أعلنت تايلاند أنها توافق من حيث المبدأ على الدخول في وقف لإطلاق النار مع كمبوديا وبدء «حوار ثنائي» يهدف إلى إنهاء القتال الأكثر دموية بين البلدين منذ أكثر من عقد.
مقتل 33 شخصاً
وتبادلت الجارتان الواقعتان في جنوب شرق آسيا نيران المدفعية الثقيلة لليوم الثالث توالياً السبت، مع توسع النزاع الحدودي الذي أسفر عن مقتل 33 شخصاً على الأقل ونزوح أكثر من 150 ألفاً من منازلهم. وقالت وزارة الخارجية التايلاندية في بيان على منصة إكس: إن «تايلاند توافق من حيث المبدأ على وقف إطلاق النار». وجاء ذلك في أعقاب منشور للرئيس الأمريكي دونالد ترامب كشف فيه أنه تحدث مع الزعيم الكمبودي هون مانيت ورئيس الوزراء التايلاندي بالإنابة فومثام ويتشاياتشاي، مضيفاً أن الجانبين اتفقا على الاجتماع و«التوصل بسرعة» إلى وقف لإطلاق النار.
عقد حوار ثنائي
وأكدت الخارجية التايلاندية حصول اتصال هاتفي بين ترامب وويتشاياشاي، موضحة على منصة إكس «مع ذلك، تود تايلاند أن ترى نية صادقة من الجانب الكمبودي». ولفتت الوزارة إلى أن فومثام طلب من ترامب «إبلاغ الجانب الكمبودي برغبة تايلاند في عقد حوار ثنائي في أقرب وقت ممكن لوضع تدابير وإجراءات لوقف إطلاق النار والحل السلمي النهائي للنزاع». وكانت اشتباكات قد اندلعت قبل ساعات في المناطق الساحلية للدولتين على خليج تايلاند، على بعد نحو 250 كيلومتراً جنوب غرب خطوط المواجهة الرئيسية. وقال ساملي سورنتشاي البالغ 76 عاماً لوكالة فرانس برس في ملجأ للنازحين في بلدة كانثاراروم التايلاندية بعد أن فر من مزرعته بالقرب من الحدود المتنازع عليها «أشعر وكأنني أهرب من منطقة حرب». واندلعت التوترات في البداية بين البلدين بسبب معابد قديمة متنازع عليها منذ فترة طويلة قبل أن تنتشر المعارك على طول الحدود الريفية التي تتميز بالغابات البرية والأراضي الزراعية حيث يزرع السكان المحليون المطاط والأرز.
خسائر غير مبررة
وفي حين أعرب كل جانب عن انفتاحه على وقف إطلاق النار، فقد تقاذفا الاتهامات بتقويض جهود الهدنة.
وقالت وزارة الدفاع الكمبودية إن 13 شخصاً تأكد مقتلهم في القتال منذ الخميس، بينهم ثمانية مدنيين وخمسة جنود، فيما أصيب 71 شخصاً. وتقول السلطات التايلاندية إن 13 مدنياً و7 جنود قتلوا من جانبهم، وبذلك تتجاوز الحصيلة عدد قتلى اشتباكات حدودية سابقة بلغ 28 شخصاً سقطوا بين 2008 و2011. وأجبر النزاع أكثر من 138 ألف شخص على النزوح من المناطق الحدودية في تايلاند، وأكثر من 35 ألف شخص على النزوح من منازلهم في كمبوديا. وقال السفير الكمبودي لدى الأمم المتحدة تشيا كيو بعد اجتماع عاجل لمجلس الأمن الدولي الجمعة في نيويورك إن بلاده تريد «وقفاً فورياً لإطلاق النار» وحلاً سلمياً للنزاع. وأعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عن قلقه العميق وحض الجانبين السبت على «الموافقة فوراً على وقف إطلاق النار» وإجراء محادثات لإيجاد حل دائم. وقال فرحان حق نائب المتحدث باسمه في بيان «يدين الأمين العام الخسائر المأساوية وغير المبررة في الأرواح وإصابات المدنيين والأضرار التي لحقت بالمنازل والبنى التحتية على الجانبين».
خلاف حدودي
وترأس ماليزيا حالياً رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) التي تضم تايلاند وكمبوديا. ويتبادل البلدان الاتهامات بشأن من بادر أوّلاً إلى إطلاق النار، مع التشديد على حقّ كلّ منهما في الدفاع عن النفس. واتّهمت بانكوك بنوم بنه باستهداف منشآت مدنية، مثل مستشفى ومحطّة وقود، ما نفته السلطات الكمبودية. من جهتها، تتهم كمبوديا القوات التايلاندية باستخدام ذخائر عنقودية. وقام رئيس الوزراء التايلاندي الأسبق تاكسين شيناواترا، وهو شخصية نافذة في المملكة، السبت بزيارة عدد من الملاجئ للقاء النازحين. وقال للصحفيين «على الجيش إكمال عملياته قبل بدء أي حوار». وتشكل هذه الاشتباكات تصعيداً للخلاف الدائر بين كمبوديا وتايلاند منذ فترة طويلة حول ترسيم الحدود بينهما التي تمتد على أكثر من 800 كيلومتر وحُددت بموجب اتفاقات أثناء الاحتلال الفرنسي للهند الصينية. وأيّدت محكمة العدل الدولية التابعة للأمم المتحدة كمبوديا مرّتين، الأولى في 1962 والثانية في 2013، بشأن ملكية معبد ومنطقة محيطة به. في أيّار/مايو، تحوّل نزاع حدودي طويل الأمد في منطقة تعرف بالمثلّث الزمردي تتقاطع فيها حدود البلدين مع حدود لاوس، إلى مواجهة عسكرية قتل فيها جندي كمبودي. وتدهورت العلاقات بين البلدين بشكل ملحوظ الشهر الماضي عندما سرب رئيس الوزراء الكمبودي السابق هون سين تسجيلاً لتصريحات أدلت بها رئيسة الوزراء التايلاندية آنذاك بايتونغتارن شيناواترا بشأن الخلاف الحدودي. وأثار هذا التسريب أزمة سياسية في تايلاند. وفُسِّرت تصريحات أصغر رئيسة وزراء عرفها البلد وهي ابنة تاكسين، على أنها انتقاد للجنرالات في بانكوك، ما أدى إلى تعليق مهامها بقرار من المحكمة الدستورية.
0 تعليق