تصميم الفعاليات في السعودية ثقافة متأرجحة بين الانفصال والاتصال

مكه 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
تصميم الفعاليات في السعودية ثقافة متأرجحة بين الانفصال والاتصال, اليوم الأربعاء 9 يوليو 2025 05:39 صباحاً


في السنوات الأخيرة، شهدت المملكة العربية السعودية تطورا ملحوظا في قطاع الفعاليات الترفيهية والثقافية، ضمن رؤية 2030 التي تهدف إلى تنويع الاقتصاد وتعزيز جودة الحياة. إلا أنه من اللافت للنظر أن بعض هذه الفعاليات، وخصوصا تلك المقامة في المناطق الطرفية، بدأت تميل إلى استيراد أنماط وتصاميم مستوحاة من ثقافات أجنبية، على حساب الهوية الثقافية المحلية، ربما لا يكون لها اتصال قوي مع قناعة الجمهور المستهدف الحالي مثل «الكاو بوي وما شابهها». هذا النوع من الفعاليات والمهرجانات ذات الطابع الغربي، تعتبر ظاهرة تستدعي وقفة نقدية لأسباب عدة، يمكن تلخيصها في النقاط الآتية:

أولا: تراجع تمثيل الهوية الثقافية المحلية
فالتوجه نحو التصاميم العالمية في الفعاليات قد يضعف من الحضور الرمزي للثقافة المحلية، ويقلل من فرص إبراز تراث المناطق المختلفة داخل المملكة، مثل التراث الحجازي، أو النجدي، أو الجنوبي، أو الساحلي. فبدلا من أن تكون الفعالية وسيلة لتعزيز الفخر بالهوية، قد تتحول إلى عرض غريب لا يرتبط بالمكان أو بأهله، ما يُحدث نوعا من الانفصال الثقافي بين الفعالية والجمهور المستهدف.

ثانيا: فقدان فرص بناء تجربة سياحية أصيلة
في الغالب الفعاليات المستوردة قد تنجح في جذب الزوار على المدى القصير، لكنها غالبا ما تفتقر إلى عنصر التفرّد الذي يبحث عنه السائح الحقيقي. على العكس، الفعاليات التي تنبع من التراث المحلي مثل المهرجانات الزراعية، أو عروض الحرف اليدوية، أو التراث الشعبي التي تملك القدرة على تقديم تجربة غنية ومتجذرة لا يمكن تقليدها بسهولة في أي مكان آخر.

ثالثا: تهميش الكفاءات الإبداعية المحلية
عندما يتم الاعتماد على نماذج أجنبية في التصميم والتنفيذ، تقل فرص مشاركة الفنانين والمبدعين المحليين، سواء كانوا مصممين، أو حرفيين، أو رواة، أو حتى فرقا شعبية. وهذا التوجه يحد من نمو الصناعات الثقافية والإبداعية الوطنية، ويُفقد المجتمع فرصة تمكين أفراده وتعزيز مشاركتهم الفاعلة في الحياة الثقافية.

رابعا: عدم مواءمة الفعالية مع البيئة الاجتماعية
في كثير من الأحيان يفترض أن تكون الفعاليات وسيلة للتفاعل مع الجمهور المحلي، لكن عندما يتم اعتماد طابع غربي لا يمت بصلة إلى ثقافة المنطقة، فقد يشعر الجمهور بالاغتراب تجاه الفعالية. وهذا يؤدي إلى ضعف التفاعل والمشاركة، وربما إلى نظرة سلبية بأن هذه الفعاليات مفروضة وليست نابعة من احتياجات أو تطلعات المجتمع.

التوجه البديل والمأمول
بدلا من الاستيراد الكامل لنماذج غربية، من الأفضل اتباع نهج «التحديث من الداخل»، أي تطوير فعاليات حديثة تنطلق من التراث المحلي وتعكس البيئة الثقافية والاجتماعية المحيطة. على سبيل المثال، يمكن تنظيم فعاليات مستوحاة من موسم الحصاد، أو الحياة البدوية، أو رحلات الغوص بحثا عن اللؤلؤ، أو الأسواق الشعبية القديمة، ولكن بصيغ إبداعية تتماشى مع الذوق العصري والتقنيات الحديثة في العرض والتقديم.

مثل هذا التوجه لا يعزز فقط الهوية الوطنية، بل يساهم أيضا في بناء قطاع ترفيهي مستدام ومتجذر، ويحول الفعاليات من مجرد عرض ترفيهي إلى وسيلة لتوثيق الثقافة وتعزيز الانتماء الوطني.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق