عذرا، لا مجال للتسامح ولا تهاون في تداول المعلومات المغلوطة

مكه 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
عذرا، لا مجال للتسامح ولا تهاون في تداول المعلومات المغلوطة, اليوم الثلاثاء 15 يوليو 2025 10:45 مساءً

في عصر تتسارع فيه وتيرة المعلومات بسرعة غير مسبوقة، أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي ساحة خصبة لنقل الأخبار والشائعات. ومع غياب التحقق من المصادر، نجد أنفسنا أمام تحد كبير يهدد استقرار مجتمعاتنا وأمن دولنا. إن نقل أو تناقل المعلومات المغلوطة لم يعد مجرد أمر عابر، بل أصبح سلاحا يمكن أن يدمر العلاقات والثقة بين الأفراد، ويؤدي إلى فتن اجتماعية خطيرة. لذا من الضروري أن نتوقف لحظة، ونتساءل: هل نتحمل مسؤولية ما ننقله من معلومات، وكيف يمكننا أن نكون حماة للحقيقة في عالم مليء بالضباب؟

للأسف الشديد، الشغف الإعلامي لكل من هب ودب يقابل شغفا آخر جماهيريا لتلقف أي شيء يرسل عبر وسائل التواصل الاجتماعي، التي أضحت بلا أدنى مجال للشك وسائل للتفكك الاجتماعي، بل لمحاربة سيادة الأوطان وأمن الدول، قبل المؤسسات والشركات.

من منا لا يصله يوميا سيل من الرسائل المبهمة المجهولة والمغرضة دون مصدر موثوق به أو جهة واضحة محددة؟ وعندما نسأل عن المصدر، يكون الرد «وردني عن طريق صديق» أو «منقول» أو «كما وردني»، دون حتى الانتباه لخطورة الكلام المرسل بما يمس القوانين والأنظمة.

ومما يزيد الطين بلة، أن تصلك هكذا رسالة من متعلمين أو مثقفين أو حتى متخصصين في مجالات محددة، أفنوا أعمارهم في الدراسة والتمحيص والتطبيق والعمل. بكل تأكيد، هناك أزمة ثقة متراكمة في الكثير من المصادر الرسمية. وصحيح أن أي فراغ يجب أن يملأ، ولكن ليس بالضرورة أن يملأ بما هو خطر على الإنسان نفسه وأسرته ومجتمعه وبلده. وإلا سنلقي بأنفسنا إلى التهلكة، أو كالمستجير من الرمضاء بالنار، نار لا تبقي ولا تذر.

فتنة مستعرة ومشتعلة نكاد نشارك فيها سواء عن جهل أو عن علم. مهما كانت النوايا الطيبة والأغراض السليمة، فإن هذا لا يعفي من تحمل مسؤولية الضرر. «ويا ريت الضرر يلحق بصاحبه فقط، ولكنه يضر الآخرين».

إن المسيرات الناقلة للأخبار الكاذبة أو المفبركة، أو على الأقل غير الصحيحة أو غير الدقيقة على الأرض، أضحت أخطر بكثير من المسيرات في الجو، والتي أصبحت تحرج أعتى جيوش العالم. لكنني أكاد أجزم أن المسيرات الناقلة للشائعات والأخبار الكاذبة على الأرض، وبين أيدي الناس العامة قبل الخاصة، أدهى وأمر في تدمير الإنسان نفسه ثم المجتمع ثم الدول، لا قدر الله.

لذا، أستميحكم عذرا وأقول بكل أنفة وحزم: آسف، عذرك غير مقبول بل عذرك أقبح من ذنبك الذي تقترفه باستقبال مثل هذه الرسائل. بادئ ذي بدء، أنت شريك في جريمة أكبر في نشرها فيما بعد، بل عدو لنفسك ولأهلك ووطنك ودينك الذي يحثك في الآية الكريمة «يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين» (الحجرات: 6).

في ختام هذا الحديث، يجب أن ندرك أن مسؤوليتنا تجاه المعلومات التي نتلقاها وننقلها تتجاوز مجرد التفاعل السريع أو المشاركة العفوية. نحن بحاجة إلى أن نكون واعين ومدركين لخطورة ما يمكن أن تؤدي إليه الكلمات من تأثيرات سلبية على المجتمع. إن حماية الحقيقة وتعزيز ثقافة التحقق من المصادر ليسا مجرد واجب فردي، بل هما مسؤولية جماعية تتطلب منا جميعا أن نكون حذرين ونحافظ على سلامة مجتمعاتنا. لنتعهد بأن نكون حماة للحقائق، وأن نختار بدقة ما ننقله ونتداوله، حفاظا على أماننا وأمان أوطاننا.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق