نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
رسالة منزوعة الغلاف للسيد أحمد الشرع, اليوم الثلاثاء 29 يوليو 2025 12:01 صباحاً
روح الجيرة والأخوة العربية، وأهمية الوجود في أجواء ترنو لتجنب الفوضى، بالنوايا والنصوص والفعل والتفاعل، ومن خارج الأطماع والمناصب، أكتب لك يا أستاذ أحمد الشرع، خطابا ينتظم بالرؤية، ولا ينتقد بما قد يهز الثقة، بل بصوت جيرة محبة يأتي من صدى وذكريات وعبرة وحنايا معاشرة جراح وطن عربي سوري، أدميت ملامحه طويلا وكثيرا، حين فقد من أهله موتا وتهجيرا ما يحز في نفس الإنسانية، وقد آن له أن ينهض من رماد فوضاه، ويصغي ويتحرك بنوايا إسعاد ونماء لكل من يسكن على ترابه العريق.
سوريا، يا أستاذ أحمد، لم تُحرق لأن شعبها طلب حقوق المواطنة، بل لأنها كانت محاصرة في قوالب الضيق الاجتماعي والاقتصادي والسياسي والعقائدي، تعاني تردد الخوف والشك بتنوع أطيافها الثقافية والعرقية والدينية، فنهشتها أنياب الاستغلال والتفتيت.
الوطن لا يبنى بالحذر، ولا يدار بالغلبة. فلا طائفة تمتلك الحقيقة، ولا أكثرية تملك التفويض الإلهي.
الجرح السوري القديم المتجدد واحد؛ وقد تسبب في شتات في الهوية، وتيه للعدالة، وضياع لقيمة الإنسان، وصناعة الاستبداد، وانكسار وتبخر للحلم.
محبو سوريا لا يتمنون ثورة جديدة تأكل أبناءها، ولا دولة غائبة الوعي تُجمل الطغيان بمساحيق الوطنية، بل وطن جنة تسع الجميع، بهمومهم وضحكاتهم، دون تفضيل أو تهديد مبطن.
ليكن العقد القادم رباطا شعبيا، لا أوراقا تصاغ خلف الجدران وتصفق لها أيادي المنتفعين، عقدا وعزما ورؤية يتساوى فيها السوريون في المصير، وفي القرار والتعبير والرقابة. ليكن وطنا يُبنى على قضاء عادل، وتعليم موحد لا يُلقن الأطفال روايات الانتصار، بل رؤية المستقبل، وإعلام حر يمثل الجميع لا مرآة لأسماء مقررة يعاد تلميعها.
يا أستاذ أحمد، ليست المسألة في الأسماء، بل في شكل السلطة وعدالتها وشفافيتها. وكل اسم مهما بدا نزيها يمكن أن يفسد إن ارتفع فوق سقوف المحاسبة.
فلتُبنَ مؤسسات الوطن على الاستقلال لا التبعية، وعلى التنوع لا على خداع الولاء، ولتكن الوطنية مشروعا حقيقيا قابلا للتطبيق والرقابة الشعبية، لا مادة دعائية موسمية.
سوريا قوية بتعددها، ولكنها تخافه وتستنكره اليوم.
وليس منطقيا البدء بالإعمار قبل ترسيخ الفهم، موازيا للتواضع السياسي والاستقرار، والاعتراف بأن الوطن لا يُملك، والسلطة لا تُنال إلا بتفاني خدمة الجميع والتضحية.
اصنع وطنا يتذكرك، في ضمير الصادقين والبراعم. فالشعب السوري لا يتوق لبطولات جديدة، بل لهدأة حياة، وأمن، ورغيف بلا إذلال، وكرامة اجتماعية اقتصادية.
يريد قانونا لا يميز، وكتفا يُبكى عليه ألم الفقد دون خشية تهمة وتحييد.
فالوطن متى ما ضاق بالمختلفين، ظل معرضا للانهيار، والدولة إن أديرت بالخوف، تظل بشكوكها تنتظر خيانة الالتفاف. ساعد السوريين على صنع وطن من صدق وشجاعة وحب، يدرك حدود الفوضى التي لم تعد تحتمل المزيد.
الثوار أدوا دورهم مشكورين، ولا ينبغي أن يستمروا بقيادة مصير ورؤية المواطن.
وتقريب الأطياف كافة من القلب يعزز الثقة الداخلية ويبدد مخاوف الأطماع الخارجية، ويمسح صور المخيمات المهينة الدامية المشتتة للإنسان السوري.
رسالتي الصادقة لك اليوم دعوة محبة للجميع... وأملا بأن تصحو المشاعر الوطنية، وتصبح عظمة وعدالة سوريا عنوانا لفسيفساء تنوعها.
0 تعليق