تشهد أسعار مادة الغاز المنزلي في مدينة رأس العين وتل أبيض، شمالي سوريا، ارتفاعًا مستمرًا، حيث بلغ سعر الأسطوانة الواحدة (23 كيلوغرامًا) 450,000 ليرة سورية (حوالي 38 دولارًا أمريكيًا وفق سعر العملة الرائج في سوريا لحظة كتابة التقرير)، ما يزيد الأعباء على السكان الذين يعتمدون على هذه المادة في حياتهم اليومية، للطهو أو للتدفئة.
وكان سعر أسطوانة الغاز في بداية كانون الثاني الماضي بنحو 350,000 ليرة، قبل أن تقوم الشركة المورّدة من تركيا برفع الأسعار تدريجيًا حتى وصلت إلى 450,000 ليرة، في الوقت الراهن.
كما أن الغاز القادم من مناطق سيطرة “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، كان سعر الأسطوانة منه 240,000 ليرة سورية، وتوقف توريده منذ عامين ونصف بسبب الإتاوات المفروضة ووعورة الطرق ومخاوف التفخيخ.
ويعتمد سكان المدينتين البالغ عددهم 253,000 نسمة (إحصاء تقريبي) بشكل كامل على الغاز المستورد من تركيا، إذ تقع رأس العين بين الحدود التركية ومناطق سيطرة “قسد”، ولا توجد معابر رسمية بينهما.
أسعار دون ضوابط
يتواجد في تل أبيض ورأس العين عدد من المحلات التجارية التي تختلف أسعارها من محل لآخر، إذ يبيع بعضهم بـ 450,000 ليرة، وآخرون بـ 480,000 أي نحو 41 دولار، وصولًا إلى 500,000 ليرة، أي ما يعادل نحو 41.7 دولار، ما سبّب حالة من الاضطراب بين الأهالي واستياءً من غياب توحيد الأسعار.
اشتكى محمد الفوزي، من سكان تل أبيض، من الارتفاع المستمر في أسعار الغاز ووصولها أرقام كبيرة بالنسبة له.
وقال لعنب بلدي، إن السعر غير ثابت، فبعض المحال تبيع بالليرة التركية، بينما يعتمد آخرون التسعير بالدولار، ما يدفع المشتري أحيانًا لدفع مبالغ تتجاوز 480,000 ليرة.
وأوضح أنه في حال استمرار هذا الارتفاع غير المنطقي، سيضطر إلى الاستغناء عن الغاز في منزله واستبداله بالكهرباء أو المشاعل التي تعمل بالمازوت والكاز.
وطالب بضرورة تدخل المجلس المحلي والجهات المعنية لوضع حد لهذا الارتفاع وتنظيم الأسعار.
من جانبه، لم يشترِ سومر الحلوان، من مدينة رأس العين، الغاز لمنزله منذ شهر كانون الثاني الماضي، وذلك بسبب الارتفاع المستمر في أسعارها.
وأوضح أنه يعمل مستخدمًا في إحدى مدارس رأس العين براتب يبلغ مليون ليرة سورية (حوالي 85.5 دولار)، في حين يقترب سعر الأسطوانة اليوم من نصف راتبه، ما يجعل شراءها عبئًا لا يستطيع تحمّله.
وبين أنه يعتمد حاليًا على موقد الكاز أو المازوت نظرًا لانخفاض كلفته مقارنة بالغاز، إلا أنّ استخدامه داخل المنازل يحمل مخاطر كبيرة على السلامة.
وأشار إلى أنّ كثيرًا من الأهالي يضطرون للبحث عن بدائل مشابهة، مطالبًا الجهات المعنية بالتدخل ووضع تسعيرة واضحة تخفّف عن السكان وتراعي قدرتهم المعيشية.
ويبلغ سعر ليتر المازوت 13,000 ليرة، والكاز 11,000 ليرة، بينما تتقلب أسعار البنزين يوميًا، ويبلغ نحو 14,000 ليرة، كما أن الإقبال على المحروقات المستوردة ضعيف لارتفاع أسعارها.
ويبيع التجار أسطوانات الغاز بأسعار متفاوتة بسبب تقلبات الليرة السورية وعدم استقرارها، ما يجعل الأسعار تختلف من محل لآخر.
المصدر يرفع الأسعار
بعد توقف وصول أسطوانات الغاز من الحسكة بسبب إتاوات “قسد” التي بلغت 500%، وخطورة نقلها عبر طرق التهريب، لجأ أصحاب محال الغاز إلى استيرادها من تركيا كحل بديل، ومع كل انخفاض في قيمة الليرة التركية أمام الدولار الأمريكي، يجري رفع الأسعار من المصدر، ما يزيد الأعباء على السكان.
المورّد الرئيسي لتل أبيض ورأس العين، مالك الجاهور، قال لعنب بلدي، إن الارتفاع المستمر في أسعار الغاز بالمدينتين يعود إلى الشركة التركية التي يتم شراء الغاز المُسال منها.
وأوضح أن الشركة ترفع أسعارها عليهم كل ثلاثة أشهر، بحجة انخفاض قيمة الليرة التركية وارتفاع الكلفة التصنيعية، ما ينعكس مباشرة على السعر النهائي للمستهلك.
وأضاف أنهم في شهر كانون الثاني كانوا يبيعون الأسطوانة بـ350,000 ليرة سورية، لكن بعد ثلاثة أشهر فقط رفعت الشركة السعر عليهم بنسبة 30%، الأمر الذي أجبرهم على رفع السعر محليًا.
وأشار إلى أنهم حاولوا التواصل مع شركات أخرى للحصول على أسعار أقل أو أكثر استقرارًا، إلا أنهم لم يجدوا شركة مستعدة لتوريد الغاز بأسعار مناسبة أو ثابتة، ما أبقاهم معتمدين على المورد الحالي رغم ارتفاع تكلفته.
تواصلت عنب بلدي مع المجالس المحليّة في تل أبيض ورأس العين، والتي أوضحت أنها طرحت خلال العامين السابقين عدة مناقصات لتوريد الغاز إلى المدينتين، إلا أنّ الشركة التركية الحالية كانت الوحيدة التي تقدّمت للعروض دون وجود أي منافسين آخرين.
وتعتمد رأس العين بشكل رئيس على قطاع الزراعة، حيث تتراوح أجرة العامل اليومية بين 80 ألفًا و100 ألف ليرة سورية.
وتقع رأس العين وتل أبيض بمحاذاة الحدود التركية، وتخضعان لسيطرة الحكومة السورية، وتحيط بهما جبهات القتال مع “قسد”، وتعتبر الحدود التركية منفذهما الوحيد نحو الخارج.





0 تعليق