كشف “برنامج الأغذية العالمي”(WFP)، عن حاجته إلى 205 ملايين دولار أميركي خلال الأشهر الستة المقبلة للحفاظ على عملياته ومنع تعليق واسع للأنشطة داخل سوريا، محذّرًا من أن استمرار العجز المالي قد يؤدي إلى تقليص المساعدات ابتداءً من آذار 2026.
وأوضح البرنامج أنه قدّم مساعدات غذائية ونقدية لنحو 6,8 مليون شخص في سوريا منذ مطلع عام 2025، في ظل استمرار أزمة انعدام الأمن الغذائي التي تطول أكثر من نصف السكان، مشيرًا إلى أن نقص التمويل قد يفرض تقليصًا واسعًا للبرامج خلال الأشهر المقبلة.
ووفق تقرير الوضع الخارجي ل “برنامج الأغذية العالمي” في سوريا خلال تشرين الثاني 2025، المنشور الاثنين 15 كانون الأول، بلغ عدد المستفيدين شهريًا 3,5 مليون شخص، ضمن خطة ذات أولوية عالية تستهدف الفئات الأشد تضررًا من انعدام الأمن الغذائي.
وبيّن التقرير أن المساعدات شملت 1,2 مليون شخص، تلقوا دعمًا طارئًا بالغذاء والنقد، إلى جانب نحو مليوني شخص استفادوا من الخبز المدعوم والمحصّن يوميًا في مناطق الجوع، في حين توزّع باقي الدعم عبر برامج سبل العيش، والوجبات المدرسية، والتغذية.
وأشار إلى أنه يواصل مساعدة 77,500 من نازحي السويداء المقيمين في درعا والقنيطرة وريف دمشق والريف الغربي للسويداء، عبر مساعدات غذائية ودقيق قمح لإنتاج الخبز، حيث بلغت توزيعات الجولة الثانية 50% من الهدف.
وأضاف (WFP) أنه زود ستة مخابز عامة بـ400 طن من دقيق القمح أسبوعيًا لضمان إنتاج الخبز اليومي، كما يخطط بالشراكة مع وزارة الزراعة السورية لدعم 15 ألف مزارع بالبذور والأسمدة لتعزيز الإنتاجية والأمن الغذائي.
وأفاد التقرير أن برنامج الأغذية العالمي يعمل مع الحكومة السورية لدعم تعافي الأسر وإعادة بناء المجتمعات، مستندًا إلى “إنجازاته” منذ 2020.
وشملت تلك الإنجازات، بحسب برنامج الأغذية، إعادة تأهيل 25 مخبزًا واستعادة الوصول إلى المياه في 50 ألف هكتار، مع خطة لإعادة تأهيل 29 مخبزًا إضافيًا وأربع صوامع بحلول نهاية 2026، إلى جانب إعادة بناء أنظمة تدعيم دقيق القمح ويَودَنَة الملح.
ونوه (WFP) إلى استعداده لإطلاق مبادرات لبناء الصمود في اللاذقية عقب حرائق تموز الفائت، تشمل دعم المزارعين وإعادة تأهيل البنية التحتية للمياه، بعد تقديم مساعدات غذائية فورية خلال مرحلة الطوارئ.
وأكد التقرير أن سوريا، بعد عام من “انتقالها التاريخي”، تمتلك فرصًا لإعادة البناء، غير أن تحقيق تعافٍ مستدام يبقى مرهونًا باستمرار الالتزام الدولي بالتمويل الإنساني، وإزالة عوائق إعادة الإعمار، وتعزيز التنمية الاقتصادية الشاملة.
الوضع في سوريا يثير القلق
حذرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو) وبرنامج الأغذية العالمي من حالة طوارئ غذائية كبرى، مع توقعات بتفاقم انعدام الأمن الغذائي الحاد في الفترة الواقعة بين تشرين الثاني الحالي وأيار 2026.
وذكرت المنظمتان الأمميتان في تقريرهما، في 12 من تشرين الثاني الماضي، أن التهديد يشمل 16 دولة عبر العالم، مما يعرض ملايين الأرواح للخطر.
وتضمنت قائمة الدول المعرّضة لخطر المجاعة أو الجوع الكارثي، بحسب تقرير الأمم المتحدة، السودان وفلسطين وجنوب السودان ومالي وهايتي واليمن، متوقعًا أن تصل بعض المجتمعات في هذه البلدان إلى حالة المجاعة أو ما يقاربها.
وشملت الدول التي يثير فيها الوضع “قلقًا شديدًا”، سوريا وجمهورية الكونغو الديمقراطية وميانمار ونيجيريا والصومال وأفغانستان، بالإضافة إلى بعض بؤر الجوع الساخنة الأخرى مثل، بوركينا فاسو وتشاد وكينيا، ولاجئي الروهينجا في بنغلاديش.
وحذر التقرير من أن التأخر في اتخاذ الإجراءات سيودي بحياة الناس ويزيد من التكاليف الإنسانية.
ونوه إلى أن الأطفال مُعرّضون للخطر بشكل خاص، حيث يضعف سوء التغذية مناعتهم، الأمر الذي يجعلهم أكثر عرضة للأمراض والوفاة.
المديرة التنفيذية لبرنامج الأغذية العالمي، سيندي ماكين، قالت إن “المجاعة ليست حتمية، لدينا الأدوات والمعرفة اللازمة للوقاية منها، لكننا بحاجة إلى الموارد والإرادة السياسية للتحرك فورًا”.
وأوضحت المنظمتان الأمميتان أن انعدام الأمن الغذائي لا يؤدي بالضرورة إلى المجاعة، مشيرتين إلى أربع مراحل يمر بها انعدام الأمن الغذائي تتضمن:
- عدم قدرة الأسر على تلبية احتياجاتها الغذائية الأساسية، في المرحلة الأولى.
- اللجوء إلى تدابير يائسة، مثل الاستغناء عن بعض الوجبات أو بيع مُقتنياتها الأساسية، في المرحلة الثانية.
- الطوارئ في المرحلة الثالثة.
- الكارثة/المجاعة في المرحلة الرابعة، عندما يصبح الجوع مهددًا للحياة.
وسلط التقرير الضوء على أربعة عوامل تشجع على وصول بعض البلدان إلى حالة انعدام الأمن الغذائي شملت:
- الصراع والعنف، وهو السبب الرئيس في 14 من أصل 16 بؤرة جوع ساخنة.
- الصدمات الاقتصادية مثل هشاشة الاقتصادات، ارتفاع الديون، وزيادة أسعار المواد الغذائية.
- الظواهر المناخية الشديدة مثل الفيضانات والجفاف والأعاصير المُرتبطة بظاهرة النينيا.
- انخفاض المساعدات الإنسانية الذي يؤدي إلى خفض الحصص الغذائية، ومحدودية علاج سوء التغذية نتيجة نقص التمويل.
ودعت منظمة الأغذية والزراعة وبرنامج الأغذية العالمي إلى اتخاذ إجراءات عاجلة للوقاية من المجاعة تضمنت:
- تقديم مساعدة إنسانية لإنقاذ الأرواح وسبل العيش.
- إجراءات استباقية تشمل تدخلات مبكرة قبل تفاقم الأزمات.
- الاستثمار في بناء القدرة على الصمود لمعالجة الأسباب الجذرية، وليس فقط الأعراض.
وأكدت المنظمتان أن المجتمع الدولي يواجه فرصة ضيقة للتحرك، وشددتا على أن عدم الاستجابة سيفاقم الجوع، ويزعزع استقرار المناطق، ويؤدي إلى وفيات كان من الممكن الوقاية منها.
ودعت المنظمتان إلى دعم جهود مكافحة الجوع، عبر التبرع لبرنامج الأغذية العالمي، ودعم برامج الطوارئ التابعة لمنظمة الأغذية والزراعة.
كما أكدتا على ضرورة مشاركة المعلومات وحث القادة على إعطاء الأولوية للوقاية من المجاعة، مشيرتين إلى أن كل مساهمة ستساعد في توفير الغذاء والتغذية والدعم المعيشي لمن هم في أمس الحاجة إليها.













0 تعليق