ما هدف تعميم “العدل” بشأن تعيين وكلاء عن المغتربين السوريين

عنب بلدي 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

أصدرت وزارة العدل السورية تعميمًا موجهًا إلى المحاكم الشرعية في جميع العدليات، شددت فيه إجراءات تعيين وكلاء قضائيين عن أشخاص مقيمين خارج سوريا، في الدول التي توجد فيها بعثات دبلوماسية أو قنصلية سورية تقدم خدمات تنظيم وتصديق الوكالات.

وبحسب التعميم، الذي نشرته الوزارة في 16 من كانون الأول، فإن وجود الشخص في دولة تتوفر فيها بعثة قنصلية سورية مختصة بتنظيم الوكالات، ينفي توفر حالة الغياب الموجبة لتعيين وكيل قضائي، سواء تمكن من تنظيم وكالة أصولية، أو من التواصل وإدارة شؤونه عبر وسائل الاتصال الحديثة، بحسب ما جاء في التعميم.

الأصل القانوني يجيز للشخص كامل الأهلية لإدارة شؤونه بنفسه أو عبر وكيل يعينه أصولًا، بحسب التعميم، الذي منع تعيين وكيل قضائي إلا في حال تعرض الشخص لظروف قاهرة تمنعه من إدارة مصالحه أو العودة إلى مكان إقامته لمدة تزيد على سنة، ما يؤدي إلى تعطل مصالحه أو مصالح غيره.

وطالبت وزارة العدل المحاكم الشرعية بالتدقيق في طلبات تعيين الوكلاء القضائيين، والتحقق من مدة الغياب التي يجب أن تتجاوز السنة، ومن مكان وجود الشخص أو عدم معرفة هذا المكان، إضافة إلى التأكد من عدم وجود بعثة سورية في بلد الإقامة تقدّم الخدمات القنصلية.

تطبيق قواعد القانون

رحب قانونيون بالتعميم الصادر عن وزارة العدل، معتبرين أنه يتضمن إجراءات إدارية تسهل وتحدد آلية تعيين الوكلاء القضائيين للمغتربين، في حين اعتبر مغتربون أن التعميم يعد بمثابة قانون جديد يفرض آليات تحدد شروطًا لتعيين وكلاء قضائيين عنهم في الداخل السوري.

الخبير القانوني والمتخصص في مجال حقوق الإنسان والقانون الجنائي الدولي المعتصم الكيلاني، اعتبر أن التعميم الصادر عن وزارة العدل ليس تشريعًا بقانون، بل إجراء إداري تنظيمي يُنفذ في إطار القواعد القانونية القائمة.

وبحسب تعبيره، فإن التعميم هو تعليمات داخلية تحدد كيفية تطبيق قواعد القانون المدني وقانون الأحوال الشخصية في الحالات الخاصة بالغائبين والمقيمين في الخارج، وخاصة في حال وجود بعثات قنصلية سورية قادرة على إتمام الإجراءات ضمن تلك الدول.

وفسر الخبير القانوني، في حديثه إلى عنب بلدي، أنه من الناحية القانونية، فإن التعميم لا يُشير إلى تغيير نصوص القانون نفسه، بل ينظم إجراءات تنفيذ الحقوق القائمة مثل تعيين وكيل قضائي للغائبين/المقيمين خارج سوريا.

كما يهدف إلى تسهيل أو تنظيم كيفية إبرام الوكالات القضائية للأشخاص غير القادرين على الحضور شخصيًا أمام القضاء في سوريا، ويشكل جزءًا من تنفيذ نظام الوكالات القضائية ونظام تعيين الوكلاء للأشخاص الغائبين كما ورد في قانون الأحوال الشخصية السوري.

توحيد الإجراءات

المحامي فادي مجدمة، اعتبر أن تعميم وزارة العدل يُعد تعليمات إدارية تنظيمية ملزمة بهدف توحيد الاجتهاد والإجراءات عند النظر في طلبات تعيين وكيل قضائي عن الغائب.

وقال مجدمة، في حديث إلى عنب بلدي، إن التعميم لا ينشئ قاعدة قانونية جديدة، بل يفسر ويُفعل النصوص النافذة في القانون المدني وقانون الأحوال الشخصية، ويضع ضوابط دقيقة للتحقق من صفة الغياب وحدوده وحالة الضرورة، ويمنع التوسع غير المبرر في اللجوء إلى الوكالة القضائية البديلة متى أمكن تنظيم وكالة أصولية مباشرة، ما يجعله ضمن الإطار التنظيمي التنفيذي لا التشريعي.

دوافع قانونية وخدمية

وعن دوافع إصدار التعميم، اعتبر الخبير القانوني والمتخصص في مجال حقوق الإنسان والقانون الجنائي الدولي، المعتصم الكيلاني، أن النصوص التفصيلية غير منشورة رسميًا عبر موقع حكومي، لكن يمكن استنتاج دوافع منطقية وإجرائية، تتمثل بحسب رأيه بـ:

  • معالجة صعوبات عملية للمغتربين: بسبب النزاع والتهجير، كثير من السوريين يعيشون خارج سوريا ويفتقرون إلى طريقة قانونية بسيطة لإدارة شؤونهم القضائية داخل سوريا، فالتعميم يسعى إلى تنظيم هذه الإجراءات من البعثات القنصلية في الخارج بدلًا من إضاعة الوقت في العودة.
  •  توحيد الإجراءات وتقليل التباين الإداري: قد تختلف طرق تطبيق الوكالات من محكمة إلى أخرى، التعميم يدخل لوضع حدٍّ إداري موحد لكيفية قبول وتوثيق الوكالات.
  • التقنين الرسمي للوكالات القضائية: نظرًا لأهمية الوكالات في إدارة العقارات والممتلكات والمسائل القانونية، فإن التنظيم يضمن أن هذه الصلاحيات لا تُستخدم بطرق غير قانونية أو تُفتقد للاعتماد القضائي عند التنفيذ داخل سوريا.

حماية حقوق المغتربين

وبالنسبة إلى أهمية التعميم، يلخصها الكيلاني بعدة نقاط:

  • تسهيل الوصول إلى العدالة: يمنح المغتربين وأسر الغائبين طريقة قانونية معتمدة لإدارة شؤونهم من الخارج دون العودة إلى سوريا شخصيًا.
  • يسمح بتوثيق الوكالات من خلال البعثات القنصلية: ما يعزز الاعتراف القانوني بها داخل النظام القضائي السوري.
  • تقليل البيروقراطية وتحسين التنظيم: يساعد في توحيد الإجراءات في المحاكم السورية وفي البعثات الخارجية، ما يقلل من الارتباك القضائي بين الوكالات الصادرة من الخارج وتلك المعترَف بها داخل سوريا.

أما المحامي فادي مجدمة، فيبين أن أهمية التعميم تظهر عمليًا وقضائيًا على عدة مستويات، أبرزها:

  • حماية حقوق الغائب: من خلال الحد من تعيين وكلاء قضائيين من دون تحقق جدي من قيام حالة الغياب الفعلي أو تعذر التواصل، بما يمنع إساءة استعمال الوكالة أو الإضرار بذمة الغائب وحقوقه.
  • ضبط عمل المحاكم: عبر إلزام القاضي بالتحقق من عدم وجود وكالة سابقة، ومدى القدرة الواقعية على التواصل مع الغائب، وتوافر الضرورة الفعلية التي تبرر التعيين، بحسب تعبيره.
  • الحد من حالات التحايل: التي كان يُلجأ فيها إلى تعيين وكيل قضائي رغم إمكانية تنظيم وكالة أصولية، سواء لتوفير الوقت أو للتحايل على بعض المتطلبات الشكلية، إضافة إلى تعزيزه مبدأ أن الأصل هو إدارة الشخص كامل الأهلية لشؤونه بنفسه، وعدم الاستعاضة عنه بوكيل قضائي إلا على سبيل الاستثناء.

عبء على المغتربين

التعميم جاء استنادًا إلى مراسلة من وزارة الخارجية والمغتربين، بيّنت فيها لجوء بعض الأشخاص إلى استصدار وثائق من المحاكم الشرعية لتعيين وكلاء قضائيين عن مغتربين، بهدف التهرب من الرسوم القنصلية المفروضة على الوكالات المنظمة لدى البعثات السورية في الخارج، مؤكدة أن تلك الوثائق لن تصدق لاحقًا من قبل الوزارة،

وأكدت في تعميمها أن تنظيم وثائق تعيين وكلاء قضائيين في مثل هذه الحالات يُعد مخالفًا للأحكام القانونية النافذة، فضلًا عما يترتب عليه من خسارة للخزينة العامة نتيجة تفويت الرسوم القنصلية المستحقة.

البعض رأى أن القرار سيلزم المغتربين بزيادة الأعباء المادية، وهذا ما كان يدفعهم لتعيين الوكلاء داخل سوريا، معتبرين أن التعميم كله يهدف لزيادة التحصيل المالي منهم.

الوزارة أكدت في تعميمها أن تنظيم وثائق تعيين وكلاء قضائيين في مثل هذه الحالات يُعد مخالفًا للأحكام القانونية النافذة، فضلًا عما يترتب عليه من خسارة للخزينة العامة نتيجة تفويت الرسوم القنصلية المستحقة.

المحامي فادي مجدمة، يوضح أنه من الناحية الواقعية قد يترتب عبء مالي إضافي في بعض الحالات، لكنه من الناحية القانونية لا يُعد ضررًا غير مشروع.

فالتعميم لا يمنع التوكيل، وإنما يقيد اللجوء إلى التوكيل القضائي الاستثنائي عند عدم توافر شروطه، بحسب تعبيره، مؤكدًا أن المغترب القادر على تنظيم وكالة أصولية عبر السفارات أو القنصليات، أو عبر وسائل الاتصال المعترف بها قانونًا، لا يكون تعيين وكيل قضائي داخل سوريا مبررًا في حقه.

ويختم بالقول إن ارتفاع كلفة الوكالة الخارجية أو استغراقها وقتًا أطول يقابله تحقيق سلامة التصرفات القانونية ومنع ضياع الحقوق أو نشوء منازعات لاحقة بسبب وكالات قضائية واسعة مُنحت دون رقابة كافية.

بدوره، الخبير القانوني والمتخصص في مجال حقوق الإنسان والقانون الجنائي الدولي، المعتصم الكيلاني، يرى أن التعميم قد يقلل الحاجة إلى التوكيل داخل سوريا متى كانت البعثات القنصلية قادرة على استكمال الإجراءات بشكل نظامي، ما يخفف من تكاليف السفر أو اللجوء إلى وسطاء.

لكنه يلفت في المقابل إلى أن توثيق الوكالات في الخارج قد يترتب عليه رسوم إدارية وقنصلية، وقد تكون الإجراءات في بعض الحالات أكثر تعقيدًا أو كلفة مقارنة بالتوكيل داخل سوريا.

ويخلص إلى أن أثر التعميم ماديًا يبقى مرتبطًا بمدى فعالية البعثات القنصلية وقدرة المستفيدين على الاستفادة من هذه الآليات، مشيرًا إلى أنه في حال حُسن تنظيمه قد يسهم في تخفيف الأعباء على المغتربين بدل زيادتها.

تطبيق ”MOFA SY”

شهدت الخدمات القنصلية المقدمة للمغتربين في الخارج من قبل وزارة الخارجية والمغتربين السورية، تسهيلات عدة للحصول على الخدمة المحددة، وكان أبرزها إطلاق تطبيق”MOFA SY”، الذي يتيح للمواطنين والمغتربين السوريين الاستفادة من مختلف خدمات الوزارة بسهولة وسرعة عبر هواتفهم الذكية.

وأشارت الوزارة في منشور عبر منصة “فيسبوك“، في 13 من تشرين الثاني الماضي، إلى أن التطبيق أصبح فعّالًا في جميع البعثات الدبلوماسية للجمهورية العربية السورية حول العالم.

“الخارجية” تقر تعديلات في القنصلية السورية باسطنبول

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق