في قلب العاصمة، وبين أروقة التاريخ والتراث، تبرز أسواق المباركية مقصداً يومياً لأهالي الكويت وزوارها من دول الخليج والعالم العربي. ووسط أجواء شتوية ساحرة، تشهد «قِبلة الكويت السياحية» حركة كثيفة وإقبالاً كبيراً على مدار اليوم، حيث يشتمّ فيها الزوار عبق الماضي النابض داخل أسواقها المختلفة المحاطة من كل جانب بحاضر يشرق مع فجر كل صباح بمستقبل واعد تغطي شمسه كل يوم أسواق المباركية المفعمة بالحياة.
داخل أروقة السوق، تشهد عن كثب ذاكرة الكويت الحية، فكل زاوية، وكل ركن يحكي قصة من الماضي، مع رائحة التراث التي تمتزج بنبض أيامنا الراهنة، حيث تجمع المباني الجديدة والأسواق الحديثة بين أصالة الماضي وروح العصر.
«الجريدة» جالت داخل أسواق المباركية التي تتكون من مجموعة متداخلة من الأسواق المتخصصة التي تعكس تنوع النشاط التجاري والتراثي، من بينها أسواق الذهب، والعطور، والأقمشة، والتمور، والأسماك والخضار، إلى جانب المطاعم الشعبية والمقاهي التراثية ومحال الأدوات المنزلية والهدايا.
وبين تلك الأسواق قليلاً ما تجد لك في هذه الأيام موطئ قدم في الممرات المزدحمة، أو مقعداً شاغراً في المطاعم أو المقاهي الشعبية التي تعيش ذروة استيعابها لرواد تكاد تجزم أنهم بعشرات الآلاف، وأن المباركية تكاد تضيق بهم رغم سعة السوق الذي يمتد على مساحة واسعة في قلب العاصمة بين شارعي فهد السالم وعبدالله السالم، وبجوار البنك المركزي، مما يمنحه موقعاً استراتيجياً يسهل الولوج إليه من مختلف مناطق البلاد.
توفير بيئة آمنة ومنظمة خلال مواسم الذروة والإقبال الكبير من الزوار
التطوير والتحديث
وفيما يتعلق بأعمال التطوير، التقت «الجريدة» أحد المشرفين على إعادة إعمار سوق السلاح المحترق الذي أوضح أن المرحلة الأولى من مشروع إعادة تأهيل السوق أوشكت على الإنجاز، مع الانتهاء من الأعمال الإنشائية الرئيسية وبدء أعمال التشطيبات النهائية، تمهيداً لدخول المشروع مراحله الأخيرة.
وأكد أن هذا المشروع يحظى بمتابعة دقيقة من الجهات المعنية في الدولة، ويأتي ضمن خطة شاملة لإعادة إحياء هذا الجزء الحيوي من المباركية مع الحفاظ على طابعه التراثي وهويته المعمارية الأصيلة، لافتاً إلى أن هناك مرحلة أخرى يجري العمل خلال الفترة المقبلة على إعادة تأهيلها.
فخر الصناعات
بدوره، تحدث مراقب سوق المباركية وليد الكندري عن المباركية وعن مهرجان فخر الصناعات الوطنية، مبيناً أن المعرض الذي يقام داخل السوق للصناعات الكويتية يساهم في تنشيط الحركة التجارية، حيث تم اختيار 25 شركة مشاركة من خلال لجنة مشتركة مع مركز العمل التطوعي برئاسة الشيخة أمثال الأحمد، رئيسة لجنة تجميل وتطوير المباركية.
وأشار إلى أن المشاركة في المهرجان تركزت على الشركات الغذائية والأواني المنزلية والتمور والحلويات، وأغلبها صناعات كويتية خالصة.
ولفت إلى أن السوق يشهد إقبالاً كبيراً من المواطنين والزوار، إلى درجة أن المعرض في أول يوم لافتتاحه كان مقرراً أن يغلق الساعة 10 مساء، لكن كثافة الإقبال دفعت المشرفين عليه إلى تمديد ساعات العمل حتى منتصف الليل، ويستمر المعرض من 28 ديسمبر الماضي حتى 28 يناير الجاري.
الأمن والسلامة
وتولي إدارة السوق واللجنة المشرفة أهمية كبرى لسلامة الزوار، إذ تم تخصيص نقطة ثابتة لقوة الإطفاء داخل السوق، مزودة بالكوادر والمعدات اللازمة للتعامل الفوري مع أي حالة طارئة، إلى جانب نقطة أمنية تابعة لوزارة الداخلية تعمل على مدار الساعة، لتنظيم الدخول والخروج والحفاظ على الأمن العام.
وأوضح الكندري أن وجود نقاط الإطفاء والداخلية جزء من خطة متكاملة لتنسيق جميع الجهات الحكومية المعنية، بما يضمن سرعة الاستجابة وراحة الزوار، ويعكس حرص الدولة على توفير بيئة آمنة ومنظمة خلال الموسم مع الإقبال الكبير على زيارة السوق من المواطنين والمقيمين وزوار البلاد.كما أشار إلى أن شركة النقل العام وفرت حافلات خاصة لنقل الزوار من سوق شرق حتى المباركية، مع نقاط توقف في شارعي «فهد السالم» و«عمان»، تعمل من الساعة 9 صباحاً حتى 12 منتصف الليل، للتخفيف من الزحام على الطرق المؤدية للسوق.
ويؤكد الكندري أن المباركية تستقبل وفوداً من مختلف دول الخليج، إضافة إلى زوار من الأردن ولبنان ومصر، والسياح الذين يحرصون على زيارة السوق ضمن برنامجهم السياحي في الكويت، لافتاً إلى أنه تم توفير الكهرباء، والتراخيص، ونقطة إسعاف، والأمن بالتنسيق مع مختلف الجهات الحكومية.
حافلات خاصة لنقل الزوار من سوق شرق حتى المباركية
إقبال كبير
بدوره، قال عبدالله أحد المشاركين في معرض فخر الصناعات الوطنية لـ «الجريدة»: «نقول لضيوف الكويت حياكم الله في المباركية، حيث التاريخ والحياة اليومية يلتقيان في قلب العاصمة»، لافتاً إلى أن هناك إقبالاً كبيراً من زوار المباركية على مختلف المنتجات الوطنية.
وأضاف أن المباركية تظل رمزاً حياً للتاريخ والتراث والتجارة في الكويت، حيث يلتقي الماضي العريق بنبض الحاضر، وتتوفر فيها كل عناصر الجذب للسياح للزوار والمواطنين من الأسواق التراثية والمعالم التاريخية، إلى المطاعم والمقاهي، والخدمات الحديثة.
حياكم الله في الكويت
من جهتها، تقول أم علي، إحدى الزائرات للسوق، لـ«الجريدة»: «المباركية دائما عامرة بأهل الكويت وأهل الخليج والأشقاء من الدول العربية، ونقول للجميع حياكم الله في بلدكم الكويت»، مشيرة إلى حرصها على زيارة السوق بشكل شبه يومي خلال هذه الفترة من العام التي يتميز طقسها بأجواء الشتاء الرائعة.
وأضافت: «عندما تسير بين أسواق المباركية المختلفة تشعر وكأنك تمشي بين مستقبل واعد وماض عريق، فهذه هي المباركية بأجوائها الخاصة التي يعشقها الجميع... المباركية تجنن».
الموقع والمكونات
وتعد المباركية من أقدم الأسواق التراثية في الكويت، إذ يعود تاريخ نشأتها إلى أواخر القرن التاسع عشر في عهد الشيخ مبارك الصباح «مبارك الكبير» (1896 – 1915)، حيث شكلت مركزاً تجارياً رئيسياً وملتقى للتجار المحليين والإقليميين، ونافذة للتبادل التجاري مع الهند وشرق إفريقيا.
وعلى مر العقود، حافظت المباركية على مكانتها كرمز للتراث الكويتي الأصيل، مع مشاريع تطوير متتابعة حافظت على هويتها العمرانية، لتظل اليوم نموذجاً فريداً يجمع بين عبق الماضي وروح الحاضر، ووجهة ثقافية وسياحية وتجارية يقصدها المواطنون والزوار على حد سواء.
المرحلة الأولى من مشروع إعادة تأهيل «سوق السلاح» قاربت على الإنجاز
المعالم البارزة
وتضم المباركية عدداً من المعالم التاريخية والتراثية، أبرزها مسجد السوق الكبير، الذي يعد من أقدم المساجد في البلاد، وسوق الذهب، وسوق العطور، وسوق التمر والأسماك والخضار، إضافة إلى المباني التراثية والممرات الشعبية والساحات المفتوحة والمقاهي التقليدية.
وتعد المباركية متنفساً سياحياً وتجارياً وثقافياً، يجمع بين الماضي والحاضر في تجربة واحدة متكاملة للزائرين.
رمز التراث الكويتي الأصيل
تعود نشأة المباركية إلى أواخر القرن التاسع، حين كانت نواة سوق تقليدي مفتوح بجوار مسجد السوق الكبير، وملتقى للتجار المحليين والقادمين من الهند وشرق إفريقيا وبلاد الخليج.
وعلى مر العقود، حافظت المباركية على هويتها التراثية رغم مشاريع التطوير المتلاحقة، لتصبح اليوم رمزاً للتراث الكويتي الأصيل، يجمع بين عبق الماضي وروح الحاضر، ووجهة مفضلة للمواطنين والزوار على حد سواء.
مكونات المباركية
تمتد المباركية على مساحة واسعة في قلب العاصمة، وتضم مجموعة متداخلة من الأسواق المتخصصة التي تعكس تنوع النشاط التجاري والتراثي، من بينها:
• سوق الذهب: محلات متنوعة للمجوهرات، يجذب عشاق الفخامة والتجارة التقليدية.
• سوق العطور: برائحة شرقية مميزة، يقدم تجارب تراثية فريدة.
• سوق التمور: يعكس جزءاً من الثقافة الغذائية للكويت.
• سوق الخضار: قلب النشاط اليومي للمدينة، حيث يلتقي البائعون والمواطنون.
• المطاعم والمقاهي التراثية: تقدم أطباقاً كويتية أصيلة وأجواء تاريخية.
• محال الأدوات المنزلية والهدايا: تجمع بين المنتجات الحديثة والتراثية.
• مسجد السوق الكبير: أقدم المساجد في البلاد، ويعود بناؤه إلى أواخر القرن التاسع عشر، وكان مركزاً لنشأة السوق.
• المباني التراثية والممرات الشعبية والساحات المفتوحة: تضفي جواً أصيلاً للزوار وتعيدهم إلى الزمن الماضي من خلال وجود بعض المنتجات والمصنوعات القديمة التي لا تزال باقية داخل السوق.











0 تعليق