شخص أم كيان؟

مكه 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
شخص أم كيان؟, اليوم الاثنين 19 مايو 2025 12:43 مساءً

تعتمد المنظومة القانونية في المملكة العربية السعودية على تصنيف الأشخاص إلى نوعين رئيسيين: أولاهما الشخصية الطبيعية، وثانيهما الشخصية الاعتبارية، وهو تصنيف جوهري في فهم الحقوق والالتزامات القانونية وتحديد من هو «المخاطب» بالنص النظامي، وقد وضح المنظم السعودي هذا الموضوع بدقة في الفصل الثاني من «نظام المعاملات المدنية» والمعروف بـ «القانون المدني»، مبرزا خصائص كل من الشخص الطبيعي والاعتباري، وما يترتب عليهما من آثار قانونية.

الشخص الطبيعي هو الإنسان ذاته، وتبدأ شخصيته القانونية بولادته حيا، وتنتهي بموته، كما نصت على ذلك المادة الثالثة، ويتمتع الشخص الطبيعي بالحقوق والواجبات من لحظة ولادته، وتمنح الأجنة المستقرة بعض الحقوق المحتملة في حدود ما تنص عليه الأنظمة والقوانين، ويتسع نطاق تنظيم الشخصية الطبيعية في النظام ليشمل مواضيع متعددة مثل الموطن، الأهلية، القرابة، والاسم. فمثلا، الموطن هو المكان الذي يقيم فيه الشخص عادة، ويجوز أن يكون له أكثر من موطن، كما هو وارد في المادة الثامنة، بينما عرّفت المادة الثانية عشرة كامل الأهلية بأنه كل من بلغ سن الرشد وهو ثماني عشرة سنة هجرية، وكان متمتعا بقواه العقلية ولم يُحجر عليه، أما من لم يتم السابعة فيعد عديم الأهلية، ويخضع مع ناقصي الأهلية لأحكام الولاية أو الوصاية، كما ورد في المادتين الثالثة عشرة والخامسة عشرة.

في المقابل، تمنح الشخصية الاعتبارية للكيانات غير البشرية التي يعترف بها النظام كشخص مستقل يتمتع بحقوق والتزامات، على أن تكون هذه الكيانات منشأة وفق نصوص نظامية، وقد حددت المادة السابعة عشرة الجهات التي تعد شخصيات اعتبارية، ومنها الدولة، والهيئات العامة، والشركات، والأوقاف، والجمعيات. وتتمتع هذه الشخصيات بحقوق قانونية، مثل الذمة المالية المستقلة، وحق التقاضي، وموطن مستقل، كما ورد في المادة الثامنة عشرة، بيد أن هناك استثناءات، إذ لا تتمتع الشخصية الاعتبارية بالحقوق الملازمة لخصائص الإنسان، مثل الزواج أو الميراث.

ومن الفروقات الجوهرية بين الشخص الطبيعي والاعتباري أن الأول ينسب إلى إنسان حقيقي يتصرف باسمه الشخصي، بينما الثاني يتصرف من خلال من يمثله قانونا كالمدير والممثل النظامي، ولا وجود مادي له إلا في حدود تنظيمه المؤسسي أو القانوني، كما أن أهلية الشخص الطبيعي ترتبط بعمره وقدراته الذهنية، بينما تحدد أهلية الشخص الاعتباري بحسب ما يقرره سند إنشائه والنظام الذي ينظمه، كذلك فإن الموطن في الشخصية الطبيعية يتعلق بمكان إقامة الإنسان، بينما يرتبط في الشخصية الاعتبارية بمكان مركز إدارتها الرئيسي أو أحد فروعها، ولا يجوز لأي شخص طبيعي أن يتنازل عن أهليته أو يغير من أحكامها، بحسب ما نصت عليه المادة السادسة عشرة، بينما يمكن تعديل صلاحيات وامتيازات الشخصية الاعتبارية بناء على قرارات نظامية أو تعديلات في سند إنشائها.

إن التمييز بين الشخص الطبيعي والشخص الاعتباري ليس مجرد تفصيل فني، بل هو قاعدة أساسية لضمان وضوح التعاملات القانونية، وحماية الحقوق، وتحديد المسؤوليات بدقة، وقد أولى المنظم السعودي هذه المسألة عناية كبيرة في إطار تحديث وتطوير بنيته التشريعية، بما يواكب التطورات الاقتصادية والاجتماعية ويعزز من الثقة القانونية في البيئة الاستثمارية والمؤسسية داخل المملكة.

أخبار ذات صلة

0 تعليق