ديوانية القلم الذهبي… حين أصبحت الثقافة خطًّا أحمر

صراحة 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

لا تولد المنابر العظيمة صدفة، ولا تتأسس الديوانيات المؤثرة على هامش المشهد، إنها تُصنع حين يجتمع الوعي والإرادة، وحين تدرك نخبة الفكر أن زمن المجاملات قد انتهى، وأن الساحة تحتاج منصة ترسم اتجاه الثقافة لا أن تنتظر من يرسمها لها.

وهنا بزغت ديوانية القلم الذهبي، مشروعًا أشبه بالبيان الأول لعودة الكلمة إلى منصّتها الطبيعية منصة القيادة.

ولم تكن الديوانية مجرد مجلسٍ للقاءات، بل إعلانًا صريحًا أن الثقافة لا تُدار بالصدف، وأن الإبداع يحتاج مظلّة تُشعل الضوء فوق المواهب، وتعيد ترتيب المشهد بعيدًا عن فوضى المحتوى السطحي.

وقد جاءت الديوانية لتقول ما عجزت عنه الأصوات المبعثرة بأن الكلمة ما زالت تملك نفوذًا، وأنها في يد من يعرف ثقلها وقادرة على تغيير المزاج الثقافي برمّته.

ومن بين الأسماء التي صنعت لهذه الديوانية حضورها وعمقها، يبرز الدور الكبير للأستاذ ياسر مدخلي، فهو صوتٌ لا يتعامل مع الثقافة كترف، بل كمشروع متكامل يستحق الرعاية والوعي والتأسيس.

ولقد كان حضوره محفزًا، ورؤيته واضحة، ومساهمته أساسية في جعل الديوانية مساحة تُعيد للثقافة جلالها.

والمدخلي ليس مجرد مشارك بل رافعة فكرية جعلت المكان أكثر انضباطًا، وأكثر قدرة على قراءة المشهد وتوجيهه بذكاء ومسؤولية.

ومن يعرف أثره يدرك أن كثيرًا من لحظات الوعي في هذه الديوانية خرجت من تحت يده، ومن بين كلماته، ومن بصمته التي لا تخطئها العين.

والأكثر إثارة أن ديوانية القلم الذهبي لم تهادن، ولم تتورّط في الخطاب المعلّب، بل قرّرت أن تكون مساحة تُربّي الذائقة، وتواجه التزييف الناعم الذي جعل الشهرة معيارًا، والعمق خيارًا ثانويًا.

وهنا تُختبر العقول، وتتلاقى التجارب، ويجد المبدع منصّة تحترم فكره قبل اسمه.

فهذه الديوانية لا تُشبه أي مشروع ثقافي آخر… إنها خليط نادر من الجرأة، والرؤية، والوعي بما يحتاجه المشهد السعودي في زمن انتفاضة الثقافة وصعود المواهب.

فمن داخلها خرجت أصوات تعرف أن الكلمة ليست مادة للتزيين، بل طاقة للتأثير

وأن الكاتب الحقيقي ليس من يجمع المتابعين، بل من يجمع المعنى.

في ديوانية القلم الذهبي ليست حدثًا… بل حالة.

حالة تُذكّرنا أن الثقافة إذا لم تُصنع بوعي، فسوف تُصنع بغيرنا.

وإذا لم نضع للكلمة مرجعيتها، ستضيع في زحام الذين يتقنون الصراخ أكثر مما يتقنون الكتابة.

وبين كل هذا تبقى الحقيقة الأهم

أن هذه الديوانية جاءت في وقتٍ يُعيد تعريف كل شيء، فالثقافة ليست ترفًا، والمجالس ليست صالونات تستهلك الوقت، بل منصّات تصنع الوعي، وتبني المستقبل، وتكتب شكل المرحلة القادمة.

ولولا أدوار الرجال الذين دفعوا بها إلى الأمام  وفي مقدمتهم معالي المستشار تركي آل الشيخ  لما بلغ هذا المشروع هذا القدر من القوة والاتزان.

فهذه… ديوانية القلم الذهبي.

ذلك المكان الذي لا يكتفي برواية الحكاية، بل يكتبها من جديد.

 

الكاتب / طارق محمود نواب

الجمعة 19 ديسمبر 2025م 

للاطلاع على مقالات الكاتب ( أضغط هنا ) 

 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق