د. يسري الشرقاوي يكتب: على أبواب مرحلة اقتصادية جديدة

الوطن 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
د. يسري الشرقاوي يكتب: على أبواب مرحلة اقتصادية جديدة, اليوم الخميس 19 سبتمبر 2024 05:09 صباحاً

النقطة الأولى

المرحلة الاقتصادية الجديدة

قصدنا في سلسلة مقالات متتالية أن نرصد معاً شكلاً لملامح المرحلة الاقتصادية العالمية الجديدة وفق الكثير من المتغيرات والظروف الصعبة والمعقّدة، بكل المقاييس والمعايير فإن ملامح المرحلة المقبلة مختلفة تماماً وما زالت كل دول العالم كما لو كانت توشك على الانتهاء من مرحلة لعب من ألعاب الدومينوز الأمريكية الشهيرة والأوراق كلها مقلوبة على وجهها وحركة الخلط والتقلبات مستمرة.

وستظل حركة الدوران والمشكلات، سواء بسبب التدخّل البشرى أو لأخطاء سياسات الرأسمالية وأخواتها وتوابعها، أو سواء بانفجار المشكلات السكانية، أو التعدى السافر للبشرية على الموارد الطبيعية، أو موجات التغيّرات المناخية العنيفة، فتنتهى الرؤية بكل وضوح إلى أن القادم فى اقتصاد العالم مختلف كل الاختلاف، ونحن فى حالة مخاض جديد لعالم متعدّد الأقطاب، لا ولن يقبل جزء كبير منه أن يعيش تحت سقف، أو فى طابور القطيع خلف القطب الأوحد، كما حدث فى آخر ٥٠ سنة.

التحديات فوق مستوى التحمل.. وشعوب الفقر والجهل والمرض لن تستطيع الصمود، والشعوب المستهلكة أكثر من المنتجة لن تستطيع أن تحجز مكاناً فى الاقتصاد القادم، ونحن دوماً فى عالم بناء الاقتصادات نتخذ الكثير من الأدوات والاستراتيجيات والخطط الاقتصادية البحتة التى تحتوى على الكثير من المعادلات المعقّدة ما بين سياسات إنتاجية وسياسات نقدية وسياسات مالية، لكن الحقيقة التى يجب أن نتّفق عليها أن شعوب الاستدانة ستواجه صدمات صعبة، وأن الشعوب التى لديها عجز فى الموازنات وليست لديها إدارات مالية حكيمة ستواجه عواصف فى ظل متغيّرات معادلة الاقتصاد العالمى، سواء من الجانب النوعى أو الهيكلى، ومن هنا كان علينا فى هذه النقاط، وهذا الكتاب أن نتّخذ مسلك الوعى الاقتصادى البسيط، وهذا محور مهم من محاور إعادة بناء الاقتصاد المبنى على التفاعل الواعى بين كل عناصر البناء، فأهم ما فى المرحلة الحالية هو تسوية التربة الخصبة فى العقل الجمعى لزراعة مفاهيم سلوكية وإدارية واقتصادية جديدة تستطيع مواجهة المستقبل، وربما فى هذه النقاط، وهذا الكتاب وددت أن أحضر للمتابع من المستقبل.

النقطة الثانية

عشر سنوات

نعم من الآن باقى فى عمر المباراة الاقتصادية حتى ندخل فى نهاية عنق الزجاجة، ونبدأ عمليات التسكين الجديد فى المناطق الجديدة لدول العالم فى منظومة اقتصادية جديدة مختلفة الأوضاع والملامح، كل شىء يسير إلى هذه النقطة التى تُعد نهاية لحقبة، وبداية إلى عالم اقتصادى جديد بسرعة الصاروخ، ولم يتبقَّ من الزمن سوى ١٠ سنوات فقط لبعض الشعوب والدول، سواء على مستوى الحكومات أو القطاع الخاص أو الأسر أو الأفراد، ما زال الأمل قائماً رغم ضبابية المشهد وشدة الرياح والأعاصير الاقتصادية، والأمل قائم للشعوب وللدول ذات الصفوف المتماسكة القريبة التى لديها ما تقدّمه غير تقليدى، من لا يتغير سيتقهقر وسيتخلّف، بل ربما سيندثر، والكل فى حالة تستدعى أن يتوخّى الجميع الحذر، هناك أنماط استهلاكية وأنظمة إنفاق لا بد أن تتغير، وإن لم تتغير طواعية سوف تتغير قصراً، لكن بعد أن يدفع ممارسوها أثماناً كثيرة، السياسات المصرفية والبنكية وأنظمة التربّح من التقييمات المبالغ فيها وأرباح الفوائد والقروض وكل ما نتج من ظواهر وأدوات ثراء الرأسمالية فى طريقه إلى الذهاب بعيداً، لا صوت يعلو فى المراحل المقبلة سوى ترشيد الإنفاق الحكومى والأسرى، وحسن استغلال الموارد وإعادة توظيف واستغلال الثروة البشرية وتحويل الأقطار من الاستهلاك إلى الإنتاج، وبث روح جديدة للنزاهة والحوكمة والشفافية وتحسين الإنتاجية وجودة الأداء والانضباط الأخلاقى، أى شىء خارج هذه المعادلة ربما سيعصف بمن لم يصمتوا ويسمعوا ويعوا كل هذه النقاط المهمة والمؤثرة، لأن صناعة وصياغة المستقبل الاقتصادى للعبور من باب المرحلة الاقتصادية القديمة أو الحالية والبالية لمرحلة جديدة ستحتاج إلى ثقافة ووعى وفهم اقتصادى غير مسبوق.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق